بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
يقول الله -تبارك وتعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [سورة البقرة:174] فهذا وعيد من الله -تبارك وتعالى- لكل من يكتم ويخفي ما أنزل الله -تبارك وتعالى- في كتبه، سواء كان ذلك صفة النبي ﷺ كما يجده أهل الكتاب، وكذلك أيضًا كتمان ما أنزل الله -تبارك وتعالى- على رسله -عليهم الصلاة والسلام- من الحق الذي بيّنه في المسائل العلمية والعملية، فيدخل في ذلك مجرد الكتمان.
ويدخل في ذلك أيضًا التبديل والتحريف، فإن كل من بدل وحرف، فلا بد أن يكون كاتمًا لما أنزله الله -تبارك وتعالى؛ لأنه حينما يبدل المنزل يكون قد كتم الحق وبدله بغيره، فلبس على الناس بذلك، فيدخل في هذا هؤلاء اليهود الذين يأخذون الرشا، ويشترون به ثمنًا قليلاً، مما يستعيضون بهذا التبديل، وكذلك ما يحصل لهم من ألوان المكاسب الدنيوية المادية كالأموال، والمعنوية كالولايات والرئاسات، أو القرب من ذوي الجاه، ونحو ذلك، فهذا كله من الثمن القليل وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فكل ما في هذه الحياة من أعراضها الزائلة، فالواقع أنه قليل، سواء كان هذا الذي أخذوه كثيرًا، أو كان قليلاً حقيرًا، فكله قليل في حقيقته لو أنهم أمعنوا النظر.
والواقع أن هؤلاء لو كانوا يعقلون لأدركوا أنهم ما يأكلون في بطونهم إلا النار، سواء قيل بأنهم يأكلون نارًا في نار جهنم، كما يقوله بعض المفسرين، أو أن ذلك الذي يأكلونه من الرشا والأموال المحرمة إنما هو في حقيقته نار؛ لأن ذلك يتحول إلى عذاب؛ لأنه سحت، وكل جسد نبت من سحت فالنار أولى به[1] ولهذا قال الله -تبارك وتعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا [سورة النساء:10].
فهذا الذي يأكله الواقع أنه نار؛ ولذلك قال النبي ﷺ في التحاكم والتقاضي إليه: فإنما هي قطعة من النار[2] يعني إذا أخذ مال أخيه بغير حق، قد يكون ألحن بحجته من الآخر، فيكون الحكم له، وقد يكون مبطلاً، فيكون كما قال النبي ﷺ: فإنما هي قطعة من النار[3] وهكذا كل ما يُؤخذ بغير حق فالواقع أنه نار، فإذا أخذ الإنسان مال أخيه بغير حق فهي نار، والذي يأكل أموال اليتامى الواقع أنه نار.
وهكذا الذي يأكل الرشوة، ونحو ذلك من الأموال المحرمة، فالواقع أنه يأكل نارًا، وليس ذلك فقط، قال: وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يكلمهم كلام رضا وتكريم، وإلا فإن الله يقول لأهل النار: اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ [سورة المؤمنون:108] فهذا لا ينافي نفي التكليم، فالمقصود به أنه لا يكلمهم تكليم تكريم، وهكذا أيضًا: وَلا يُزَكِّيهِمْ لا يزكيهم بمعنى أنه لا يطهرهم من دنس الذنوب والكفر؛ لأن جرائرهم من الكفر بالله -تبارك وتعالى- لا تطهرها مياه البحار، فلا يحصل لهم التزكية وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ موجع، فذكر لهم هذه الأمور الأربعة: أنهم ما يأكلون في بطونهم إلا النار، ولا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم، فكل واحدة تكفي للحذر من مواقعة مثل هذا الفعل المشين.
ويُؤخذ من هذه الآية الكريمة من الفوائد: وجوب نشر العلم، وبث العلم في الناس إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ويتأكد نشره إذا دعت الحاجة إليه، إما بالسؤال عنه بلسان المقال أو بلسان الحال، فإنه لا يجوز أن يؤخر ذلك، إلا إذا كان يترتب على بث هذا العلم مفسدة أكبر، كأن يكون الجواب فتنة للسائل؛ لأن عقله لا يطيق ذلك، أو لأن قدرته من الناحية العلمية لا تطيق ذلك، فهنا كما قال شيخ الإسلام -رحمه الله: من المسائل ما جوابها السكوت[4] وكما قال عبد الله بن مسعود : (ما أنت بمحدث قومًا حديثًا، لا تبلغه عقولهم، إلا كان لبعضهم فتنة)[5] وقال علي : (حدثوا الناس، بما يعرفون أتحبون أن يكذب، الله ورسوله)[6] فما كل ما يعلم يقال، وإنما ينبغي أن يكون العالم حكيمًا يتكلم مع كل قوم بما يصلح لمثلهم، وينتفعون به، وإذا تحدث مع أهل العلم الذين يعقلون عن الله، وينزلون هذا العلم التنزيل الصحيح، فهؤلاء لا يتكلم معهم كما يتكلم مع غيرهم، وأما أن يتكلم الإنسان في كل شيء، فإن ذلك مُؤذنٌ بفسادٍ عريض، وكفى بالمرء إثمًا أن يحدث بكل ما سمع[7].
أصبحت هذه القضايا اليوم للأسف بيد كل أحد، فيصل الإنسان من هذه الرسائل بهذه الوسائل فيرسلها، دون نظر ولا روية في صحتها أولاً، ثم فيما يترتب على ذلك من المصالح والمفاسد لو كانت صحيحة، فما كل شيء يصلح أن ينشر، وإنما العاقل يتبصر، ولو أن الناس كفوا عن هذا النشر، ولم يرسلوا شيئًا حتى يتثبتوا من أنه صحيح، وأن المصلحة تقتضي ذلك، ويكون للإنسان فيه نية صالحة، وكثير من الناس لا يتمكن من تقدير مثل هذه المصالح، ولا التمييز بين الصحيح والسقيم من هذه الأخبار والمعلومات التي ينشرها، فمثل هذا ينبغي له أن يكف، ولا يرسل شيئًا، ويسعه أن يبكي على خطيئته.
وأيضًا يلاحظ هنا أنه قال: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ فإذا كان الكتمان لغير الشريعة، ولغير الوحي الذي به الهدى، يعني كتم شيئًا من الأمور والعلوم الدنيوية، فهل هذا يكون بهذه المثابة؟ الجواب: لا؛ لأن ذلك مقيد بهذا القيد: مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ ثم أيضًا هذا القيد الآخر: وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فلو أنه كتمه للمصلحة؛ لأنه قد يترتب على بعض الكلام من العلم فتن، وقد يحدث به أقوامًا لا ينزلونه التنزيل الصحيح، فيحملهم ذلك على أمور لا يمكن ضبطهم معها، فمثل هؤلاء لا يقال لهم ذلك، ومن ثم فهنا يشترون به ثمنًا قليلاً، لكن الذي يكتم ليس لأجل أن يشتري به ثمنًا قليلاً، أو يصانع به أحدًا، أو يأخذ عليه الرشا أو نحو هذا، وإنما فعل ذلك لمصلحة راجحة، أو لدفع مفسدة غالبة، فمثل هذا هو المطلوب -كما هو معلوم- كما ذكرت في تلك الآثار.
وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فكل ما في الدنيا فهو قليل، الدنيا هذه عابرة، وتمضي على الجميع، فهو قليل لانقطاع مدته، وسوء عاقبته، والواقع أن هذا الذي يأخذونه من الرشا قد يكون قليلاً في نفسه حقيرًا، وتأمل ما في هذه الحياة مما مضى على الأجيال الماضية من المكاسب والأموال التي حصلوها، أين هي؟ ذهبت، فالذي كان يقتات بدينه أين مكاسبه التي حصلها؟ ذهبت، قد يكون أُعطي جملاً، أو فرسًا، أو حمارًا، أو شاة، أو دراهم، أين هو؟ وأين دراهمه؟ في القرون الماضية وقبل مئات السنين عبر الأجيال، فهؤلاء الذين ذكرهم الله -تبارك وتعالى- كما قلنا يدخل فيهم أهل الكتاب دخولاً أوليًّا، أين ما أخذوا؟ وأين ما استعاضوا؟ كل ذلك اضمحل وتلاشى، فهذه حقيقة الحياة الدنيا مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى [سورة النساء:77] وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا [سورة الشورى:36] هذا لمن عقل عن الله -تبارك وتعالى- وفتح بصيرته.
وهذا لا يختص باليهود؛ لأن ظاهر الآية العموم: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ فـ"الذين" هي من صيغ العموم، كما هو معروف، فكل من كتم الحق الذي جاء به الرسول ﷺ سواء كتمه أو بدله وحرفه، فزاد على الكتمان التبديل، فهو متوعد بذلك، وكما قيل: على قدر المقام يكون الملام، فإذا كان هذا في أهل الكتاب فهذه الأمة أشرف، ونبيها ﷺ أعظم، وكتابها أجل الكتب، فاللوم الذي يلحق أهل الكتمان من هذه الأمة أعظم من اللوم الذي يلحق أهل الكتاب.
ويُؤخذ أيضًا من هذه الآية: أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ جاء تأكيد الأكل وتقريره ببيان مقر المأكول، ومعلوم أن الذي يأكل إنما يكون ذلك إلى البطن أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فلم يقل: ما يأكلون إلا النار، وإنما قال: مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ فذكر المستقر مع أنه معلوم أن الأكل يستقر في البطن، ولا يبقى في فم الإنسان، أو في حلقه، أو نحو ذلك، إنما يصير إلى البطن، قال: أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ فهذا فيه مزيد من التقرير والتأكيد أن الذي يستقر في هذه البطون إنما هو النار، فهم يأكلون النار.
وأيضًا ذِكْر البطون يدل على شره هؤلاء وجشعهم، وأنهم عبيد لهذه البطون، فحينما يبيع الإنسان آخرته من أجل دنيا غيره، يعني حينما يحرف الإنسان الكتاب المنزل، ويبدل حقائق الدين من أجل أن يوسع على هؤلاء في أمر يزعمون أنهم ضاقوا به ذرعًا، أو حينما يفعل ذلك ليتزين ويتجمل لأهل الدنيا، فالواقع أنه يبيع دينه لدنيا غيره، والناس في هذا (الأكل والكسب) مراتب، فمن الناس من يعمل بهذه الدنيا، ويكتسب بالطرق المعروفة بالتجارة، ونحو ذلك من المكاسب والصناعات والمهن والحرف، وما أشبه ذلك ليحصل الدنيا، وهذا الذي قال فيه النبي ﷺ بأن أفضل الكسب هو ما كان بعمل يده، كما كان داود -عليه الصلاة والسلام- يأكل من عمل يده، هذا الأول.
الثاني: هو الذي يبذل الدنيا من أجل إعزاز الدين، كالنفقة في سبيل الله، ونحو ذلك، فهذا أكمل من الأول الذي يبذل جهده وطاقته ليحصل من هذه الأموال والمتاع الدنيوي، لكن أعظم من هذا من يبذل المال لإعزاز دينه، يبقى بين هؤلاء ودونهم مراتب، فمن أسوأ هذه المراتب أن يبذل الإنسان دينه ليحصل دنيا، يعني تكون الآلة لكسب الدنيا هي الدين، سواء كان ذلك المال، أو كان ذلك بالجاه، أو الرئاسة، أو نحو ذلك، فهو يريد أن يترفع بهذا، فيظهر الدين والزهد والعبادة، وما أشبه ذلك؛ ليحصل مكاسب دنيوية أيًّا كانت.
وأسوأ من هذا من يبذل دينه لدنيا غيره، يعني الذي قبله يبذل دينه لدنياه هو، من أجل أن يحصل مثل هؤلاء الذين يشترون بآيات الله ثمنًا قليلاً، لكن أن يبذل الإنسان دينه لدنيا غيره فهذا أسوأ المراتب، فلا يصح بحال من الأحوال، ولا يليق بالعاقل أن يضر بآخرته من أجل دنيا غيره، فبعض الناس يفعل هذا على سبيل الحمية لقريبه، وقد يفعل ذلك من باب -كما يقال: المساعدة أو الشفاعة المحرمة وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً [سورة النساء:85] فهذا كأن يكون ذلك لا يستحق هذا المقام، أو هذا العمل، أو نحو ذلك، فيشفع له، ويُقدم على غيره، ويوضع في مكان ليس بأهل له، فتتعطل المصالح، ويضر بالناس، وما أشبه ذلك.
فالمقصود أن الإنسان لا يضر آخرته من أجل دنياه هو، فضلاً عن دنيا غيره، هذا إذا كان يعقل، فالأصل أن يحفظ الإنسان دينه، وأن يحرز ذلك، وأن يحفظ آخرته، ويعين الناس ويساعدهم، ويقف معهم بجاهه، وبكل مستطاع مع ضعيفهم، والمحتاج منهم، ونحو ذلك، لكن بحيث لا يكون ذلك على حساب آخرته ودينه، فلا يلحقه حرج عند الله -تبارك وتعالى- وإلا فكما قال الله : إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا [سورة النساء:135] الله أولى بعباده، قد يقال: هذا ضعيف هذا مسكين، فيأتي ويشهد له شهادة زور، وهذا الإنسان ليس كما قال، فالله أولى بعباده، والإنسان يشهد بالحق.
ويدل قوله: أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ على حقارة هؤلاء، فهم باعوا الآخرة بحظ من المطعم الذي لا شأن له، فهذا المال الذي يجمعه لو سألته: لماذا تجمعه؟ لقال: من أجل أن نأكل عيش؟ هذا الأكل الذي يأكله هو في الواقع لا يجد لذته إلا لحظة المضغ، ولا يجد لذة قبل، ولا بعد ذلك، ثم يصير إلى ما قد علمتم، فهذا لا يستحق، والجوع يمكن أن يطرد بكسرة من الخبز يابسة، فلا يحتاج الإنسان إلى أن يبذل دينه، وأن يضيع آخرته في سبيل مكاسب قليلة يحصلها، وعما قريب يفارقها، فيموت، أو تذهب هنا أو هناك، ويبقى عمله السيء يلقى جزاؤه عند الله -تبارك وتعالى.
ويؤخذ أيضًا من هذه الآية: أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ إطلاق المسبب على السبب، فهذا الأكل الحرام من الرشا وغيرها هو سبب للنار، فهذه المكاسب المحرمة هي سبب لماذا؟ للعذاب بالنار، فسمى هذا الأكل نارًا مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ لأنه يتسبب عن عذاب الله فسماه نارًا، فأطلق المسبب على السبب.
وَلا يُزَكِّيهِمْ فالله -تبارك وتعالى- يزكي من شاء من عباده، وهؤلاء لا يحصل لهم هذه التزكية؛ لأنهم كتموا عن العباد سبب زكاة النفوس، وهو الوحي والهدى الذي يحصل به التزكية هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ [سورة الجمعة:2] فهذا الوحي الذي بعث الله به رسله -عليهم الصلاة والسلام- تحصل به تزكية النفوس، فهؤلاء إذا كتموه يكون الواحد منهم قد وقع في جريمة، وهي أنه حبس عن الناس ما يكون به زكاء النفوس، فالجزاء من جنس العمل، فكان عاقبتهم أن الله لا يزكيهم، وهذا يدل على شدة هذا الجرم، وهو كتمان العلم.
وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ لما أوقعوا فيه الناس من العناء بكتمان ذلك، وضيعوا حدود الله -تبارك وتعالى- وشرعه وأحكامه وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ مؤلم، يعني فعيل بمعنى فاعل، أنه موجع شديد الإيلام للأبدان، وشديد الإيلام للنفوس، نسأل الله العافية.
فهذه الآية وحدها تكفي في وعيد من بدل أو كتم أو ضيع حدود الله -تبارك وتعالى- بكتمانه للعلم، وهي أعظم حضًّا على بث العلم ونشره، والله -تبارك وتعالى- يسأل كل إنسان بما أعطاه ويحاسبه، فالذي أعطاه المال سيحاسبه على هذا المال، والذي أعطاه العلم سيحاسبه على هذا العلم، والذي أعطاه الجاه سيحاسبه على هذا الجاه، والذي أعطاه عافية في بدنه، أو قوة في رأيه، وعقلاً راجحًا، سيحاسبه على ذلك، ولا يكون حسابه كحساب ضعيف العقل، وهكذا، والله تعالى أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
- أخرجه البيهقي في شعب الإيمان برقم: (5375) وصححه الألباني في صحيح الجامع (4519).
- أخرجه البخاري في كتاب المظالم والغصب، باب إثم من خاصم في باطل، وهو يعلمه برقم: (2458) ومسلم في الأقضية، باب الحكم بالظاهر واللحن بالحجة برقم: (1713).
- سبق تخريجه.
- مجموع الفتاوى (20/ 59).
- صحيح مسلم في المقدمة، باب النهي عن الحديث بكل ما سمع (1/ 11).
- أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب من خص بالعلم قوماً دون قوم، كراهية أن لا يفهموا برقم: (127).
- أخرجه أبو داود في كتاب الأدب، باب في التشديد في الكذب برقم: (4992) وصححه الألباني.