الإثنين 16 / جمادى الأولى / 1446 - 18 / نوفمبر 2024
(147) تتمة قوله تعالى {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ ..} الآية:187
تاريخ النشر: ٢٥ / ربيع الأوّل / ١٤٣٧
التحميل: 1027
مرات الإستماع: 1577

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فلا زال الحديث متصلاً بقوله : أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [سورة البقرة:187]، تحدثنا إلى هذا الموضع من هذه الآية.

ثم قال الله -تبارك وتعالى- بعدما ذكر هذه الأحكام: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا [سورة البقرة:187] بعد بيان أحكام الصيام والاعتكاف تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وحدوده هي أحكامه وشرائعه التي حدها، من الحلال والحرام، فَلا تَقْرَبُوهَا لا تقربوها، فكان ذلك النهي عن مقاربتها أبلغ من النهي عن مقارفتها، لم يقل الله -تبارك وتعالى: تلك حدود الله فلا تقارفوها أو فلا تعتدوا عليها، وإنما قال: فَلا تَقْرَبُوهَا، فهذا نهي، والنهي للتحريم، فالنهي عن قربها أبلغ من النهي عن المقارفة نفسها، وذلك حينما يقال: لا تقرب كذا، فمعنى ذلك أنك تبتعد عن كل سبب يوصل إليه ويقرب منه، ولذلك جعل الله -تبارك وتعالى- على شرائعه الكبار وأحكامه العظام سياجًا يحوطها؛ لئلا يصل الإنسان إليها.

وفي قضية التوحيد وهي القضية الكبرى نجد ألوان الوسائل المحرمة والذرائع المفضية إلى الشرك من البناء على القبور، تجصيصها، والصلاة إليها، واتخاذ القبور مساجد، بناء المساجد على القبور، كذلك أيضًا قضايا تتعلق بالمحظورات الأخرى الزنى مثلاً، نهي المرأة عن أن تخضع بالقول، وكذلك أن تبدي الزينة، وأن تتبرج، وأن تضرب برجلها ليُعلم ما تخفي من زينتها، صوت الحلي في القدم، حينما استترت فقد تُظهر لونًا من الزينة خفية فتتراقص معه القلوب المريضة حينما تمشي وتضرب برجلها ليُسمع صوت الخلخال.

وكذلك أيضًا إطلاق البصر: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ [سورة النور:30] فغض البصر؛ لأنه الطريق إلى الفاحشة، وحفظ الفروج يشمل حفظ الفروج عن كل مقارفة محرمة، ويشمل المعنى الآخر الذي ذكره كبير المفسرين أبو جعفر ابن جرير -رحمه الله[1] وهو حفظها من نظر الناظرين إليها بالستر، فتجد أن الشريعة حفظت حدود الله -تبارك وتعالى- بما أحاطتها به من سياج، ولذلك تجد الأصول الكبار، يعني هذه الشريعة والذي اتفقت عليه جميع شرائع الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- حفظ الضرورات الخمس: أعلاها الدين، ثم النفس، ثم العقل، ثم العرض ثم المال، خمس اتفقت على حفظها جميع الشرائع من الجهتين من جهة الوجود ومن جهة العدم، من جهة الوجود بثبيت ما يقررها ويثبت أركانها ودعائمها، فتجد في الدين إنما تثبت أركانه بالدعوة إليه وتعليم الناس شرائع الإسلام والعمل به وبشرائعه وتنفيذ أحكامه، أن يكون حاكمًا مهيمنًا على الخلق، ومن جانب العدم بمنع البدع والمحدثات والشبهات والدعوات المضلة، الفرق المنحرفة، التشكيك والتلبيس والطعن، كل هذا حفظًا له من جانب العدم، ولهذا كان حد المرتد القتل؛ حفظًا للدين من جانب العدم.

وأيضًا حفظ النفس من جانب الوجود بالأمر بالأكل من الطيبات ونحو ذلك، من جانب العدم القصاص على من اعتدى على النفس بالنفس أو بالأطراف.

وكذلك أيضًا نجد حفظ العقل بالإرشاد إلى النظر والتفكر التفكير الصحيح، وفي جانب العدم بمنع ما يؤثر على العقل كالمسكرات والمخدرات؛ ولهذا كان حد السُكْر لحفظ العقل من جانب العدم؛ لئلا يؤثر عليه شيء من جهة السلب.

وما يتعلق بالعرض حفظه من جانب الوجود بالأمر بالنكاح الزواج يا معشر الشباب[2]، تكثير العفاف، ومن جانب العدم بمنع كل من يسيئ إلى عرض أخيه بالقذف أو أي لون من الإساءة يُعزَّر بما يردعه.

كذلك أيضًا حد الزنى حد القذف هذا حفظًا للأعراض من جانب العدم، وكذلك بالنسبة للمال بتثميره والاتجار به بألوان التجارات الصحيحة المباحة، ومن جانب العدم بمنع السرقة والاختلاس والغش والتدليس وأنواع البيوع المحرمة، الغرر، الجهالة، ونحو ذلك، ولذلك كان حد السرقة لحفظ المال من جانب العدم، وبهذا نعلم أن جميع الحدود تتصل بالضرورات الخمس فقط، حفظًا لها من جانب العدم، وهذه الضرورات الخمس عليها سياج يسمى بالحاجيات، حفظ المال يوجد البيع والشراء والمعاملات والعقود وأنواع، حفظًا له بسياج اسمه الحاجيات توسعة على الناس، ثم سياج ثالث اسمه: التحسينيات هذا في حفظ هذه الضرورات الخمس جميعًا، كل واحدة من الضرورات عليها سياج اسمه الحاجيات يدعمها ويقويها ويؤكدها يثبتها، وسياج ثالث اسمه التحسينيات، يعني مثلاً العرض الضروري هو حفظ العرض، ومن اعتدى عليه بالقذف حد القذف، من اعتدى بالزنى حد الزنى للمحصن وغير المحصن، وبالنسبة للحاجيات مشروعية النكاح، النكاح هذا تحفظ به الأعراض، وتصان، ويكثر العفاف، التحسينيات مثلاً في هذا الموضع أن لا تلي المرأة الخطبة بنفسها، أن يكون هناك ولي لا نكاح إلا بولي[3].

أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل[4]، لماذا؟ حفظًا لماء وجهها؛ لئلا تظهر في الصورة في النهاية أنها تتولى العقد على بضعها كأنها تتشوف للرجال، والواقع أن المرأة هي أحد طرفي العقد، العقد في النكاح بين الزوج والمرأة، هما الطرفان، لكن من الذي يتولى عن المرأة: وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ [سورة البقرة:221]، لما ذكر المشركات قال: وَلا تُنكِحُوا، الرجل هو الذي ينكح: وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ [سورة البقرة:221]، لما جاء في تزويج المشركين قال: وَلا تُنكِحُوا، المرأة ما تَنكِح تُنكَح تُزوَج، لماذا يتولى؟ هل هذا نقيصة فيها كما يقول بعض الناس، هي عاقلة وهي تفهم وهي راشدة، لا، الشريعة شرَّعت هذا حفظًا لرونقها وماء وجهها تبقى جوهرة مصونة محفوظة لا تظهر في الصورة كأنها هي طرف العقد الذي يتولى هذه العملية كأنها متشوفة إلى الرجال، تعقد على بضعها، فصانها وحفظ ماء وجهها، هذا من التحسينيات مع أنه واجب، ولا يصح النكاح إلا به، فكلمة تحسيني لا تعني أنه مستحب، لكن في أصل التشريع لماذا شرع؟

لحفظ كمال المروءات، وأن يكون الناس على كمال الإنسانية، تكون حياتهم على وئام، مثل اللباس وستر العورات هذا من التحسينيات مع أنه واجب، الحجاب من التحسينيات وهو واجب؛ من أجل أن تبقى حياة الناس حياة كريمة، لا يكون الناس كالبهائم.

فالمقصود هذا الاستطراد مفيد وتدعو الحاجة إليه: فَلا تَقْرَبُوهَا فهو نهي عن مقاربتها ونهي عن كل سبب يوصل إليها، ولذلك فإن الله إذا حرَّم شيئًا حرَّم وسائله، وذرائعه المفضية إليه، وإذا شرَّع وأمر وأوجب فإنه يكون ذلك إيجابًا لكل سبيل لا يتحقق هذا الوجوب إلا به، ولهذا قالوا: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وما لا يتم ترك المحظور إلا بتركه فتركه واجب، على اختلاف في التعبير عن مثل هذا بين الأصوليين.

وفي هذه الآية من آيات الصيام: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا لكن بعد ذلك، يعني هنا لما قال: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ ثم نهى عن مباشرة المرأة حال الاعتكاف ونحو ذلك قال: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا [سورة البقرة:187]، بعد ذلك بآيات لربما تقرب من أربعين آية قال: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا [سورة البقرة:229] لما ذكر الطلاق: الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [سورة البقرة:229]، إلى أن قال: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا، لماذا قال هنا في هذه الآية في الصيام تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا [سورة البقرة:187] وهناك قال: فَلا تَعْتَدُوهَا؟

آية الصيام هذه جاءت بعد مجموعة من النواهي فيقول: لا تقربها، هذه محظورات، بل أكثر من هذا قال النبي ﷺ: وبينهما مشبهات، وشبه ذلك أيضًا ومثله بالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى إلا وإن حمى الله محارمه[5]، فهو مطالب بالبعد والنأي عن هذه المحظورات لا يقرب، لكن فيما يتعلق بآية الطلاق التي عقبها بقوله: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا أنه جاء ذلك بعد مجموعة من الأوامر: فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [سورة البقرة:229]، فلما ذكر هذا وما بعده نهى عن التعدي فَلا تَعْتَدُوهَا لا تتجاوز هذه التشريعات التي شرعها الله -تبارك وتعالى- فليس بعد الهدى إلا الضلال، هكذا ذكر بعض أهل العلم.

كذلك أيضًا قال: كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [سورة البقرة:187]، كذلك البيان: يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ بيانًا لا يترك في الحق لبسًا، يبينها للناس لَعَلَّهُمْ أي: من أجل أن تتحقق لهم التقوى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ، فدل ذلك على أن العلم سبيل للتقوى، قد يكون الإنسان عالمًا ولكنه غير تقي، ولهذا قال الحافظ ابن القيم -رحمه الله: "لو نفع العلم بلا عمل لما ذم الله أحبار اليهود، فكانوا أهل غضب، وأهل لعن، عرفوا الحق وتركوه"[6]، لكن الإنسان يترك الحق إما جهلاً؛ لجهله، وإما لغلبة هواه، فهنا الله يبين حدوده من أجل ألا يقع الناس في الممنوع والمحرم والمنكر جهلاً منهم؛ لأنهم لا يعرفون شرائعه، ولهذا فينبغي للإنسان أن يتعلم، بعض الناس لا يُتهم بالهوى ويبكي ويتأثر لما وقع منه، لكن الذي حصل من المخالفة كان بسبب الجهل، كثير من الناس يسأل بهذه الطريقة، فعلت كذا في الحج، في الصيام، في العمرة، في الطلاق، في البيع، اشترى السيارة وانتهى بطريقة غير صحيحة، تُرجعها يقول: ما يردونها يأبون، ماذا أصنع؟ كرهت السيارة، هو خائف من الله، فما وقع في هذا بسبب هواه لكن بجهله، بعض الناس يعقدون صفقات أموال تجارات ملايين والعقد فاسد، وقد يكون هؤلاء فيهم من الدين والصلاح والخير والتقوى الشيء الكثير، لا يعلمون، لو علموا صيغة العقد الصحيحة لما أوقعوه على هذه الصيغة المحرمة، فليس لهم فيها هوى أصلاً، لكن الجهل هو الذي أوقعهم، تقع عقود، يقول أحد الطرفين مثلاً: أنا أضمن لك رأس المال، أضمن لك نسبة من الربح، لك نسبة ثابتة من الربح، هات عشرة آلاف أعطيك شهريًا خمسمائة ريال، لكن قد يربح قد يخسر، ما يجوز، يقع فيه بعض الناس، هات مائتي ألف نفتح مخبز، نفتح ورشة، نفتح مصنع، نفتح كذا، وسأعطيك كل شهر عشرة آلاف ريال، طيب قد لا يحقق أربحانًا تعطيني من أين؟ فمثل هؤلاء الذي يفعل الشيء ثم بعد ذلك يسأل هذا مثل الذي يقطع الطريق الشارع فإذا وصل إلى الضفة الأخرى الناحية الأخرى التفت هل في سيارات، المفروض أنه يلتفت قبل ما يمشي خطوة، ما هو إذا جاوز الطريق وقطع التفت في سيارة أو ما في سيارة، بعض الناس يسأل إذا انتهى من المعاملة أو العمل، قال: هل فعلي صحيح أو غير صحيح؟ السؤال متأخر، ما الذي أوقعك بهذا أصلاً؟

وفي هذه الآية ما يدل على أن العلم هو سبيل للتقوى، العلم الصحيح؛ لأنه إذا بان له الحق واتضح تبعه، وإذا بان له الباطل اجتنبه، فلو تركه يكون متبعًا لهواه.

يقول بعض العلماء: إذا كانت الحدود مما يجب فعله قال الله: فَلا تَعْتَدُوهَا وإذا كانت مما يجب تركه قال الله: فَلا تَقْرَبُوهَا.

وهكذا يؤخذ منه أيضًا النأي والبعد عن المشتبهات؛ لئلا يقع الإنسان في الحرام: فَلا تَقْرَبُوهَا فحتى يتحقق هذا لا بد أن يترك المشتبهات، وقد ذكر الشاطبي -رحمه الله- في كتابه: "الموافقات"[7]: بأن التوسع في المباح -يعني إلى آخر نقطة- والحلال إلى آخر نقطة، بعض الناس يسأل يقول: أنا أريد الحد الفاصل، قل لي حرام أو حلال، لا تقل لي: تورع منه أو اجتنب هذا الشيء لا أنصحك بفعله، يرد مباشرة يقول لك: لا أريد أنا أريد حلال أو حرام، هذا الذي يصل إلى آخر نقطة في الحلال لا يأمن أن يقع في الحرام، وهذا الذي يتوسع في المباحات هذا التوسع سيوقعه في المشتبهات، فإذا وقع في المشتبهات سيقع في الحرام؛ ولذلك لا يحسن التوسع في المباحات والمبالغة في هذا، وإنما يكون الإنسان في حال من الاعتدال، يأخذ من الحلال ما يستعين به على أمر دينه ودنياه، لكن من غير توسع؛ لأن هذا سيفضي به إلى شيء من المواقعة للمشتبهات.

ثم أيضًا هذا التشريع وهذا التعقيب: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [سورة البقرة:187] من أجل أن يتقوا، هذا يبين أن التقوى منزلة عالية رفيعة، ينبغي السعي من أجل تحصيلها، والجد والاجتهاد في طلبها ونيلها، وهي قضية نسبية يتفاوت الناس فيها تفاوتًا كبيرًا، بعض الناس تقواه هي على حال المقتصدين، يعني الذي يفعل الواجب ويترك المحرم، هو تقي، لكن بهذا القدر، ومن الناس من يكون من السابقين لفعل الواجبات وترك المحرمات وترك المشتبهات وفعل المندوبات، وهذا باب واسع، يختلف ويتفاوت الناس فيه بحسب ما يقوم في القلوب، وبحسب ما يصدر عنهم من أعمال الجوارح، وقد جاء عن سفيان بن عيينة -رحمه الله- قال: "لا يصيب عبد حقيقة الإيمان حتى يجعل بينه وبين الحرام حاجزًا من الحلال، وحتى يدع الإثم وما تشابه منه"[8].

هذه الآية قد اشتملت على الأصول، اشتملت على الأحكام الأساسية والأصلية في موضوع الصيام، يقول الشيخ محمد: "العبادات التي كان النبي ﷺ يحرص عليها في رمضان كلها مذكورة في آيات الصيام في سورة البقرة، صدقة، فدية، طعام مسكين، تلاوة القرآن: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ [سورة البقرة:185].

الدعاء: فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [سورة البقرة:186].

الاعتكاف: وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [سورة البقرة:187].

التكبير في العيد: وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ [سورة البقرة:185].

هذا ما يتعلق بهذه الآية، وأسأل الله أن ينفعنا وإياكم بما سمعنا، ويجعلنا وإياكم هداة مهتدين -والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.

  1. تفسير الطبري (17/ 255).
  2. أخرجه البخاري، كتاب النكاح، باب قول النبي ﷺ: من استطاع منكم الباءة فليتزوج، لأنه أغض للبصر وأحصن للفرج، وهل يتزوج من لا أرب له في النكاح؟، برقم (5065)، وبرقم (5066)، ومسلم، كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه، ووجد مؤنه، واشتغال من عجز عن المؤن بالصوم، برقم (1400).
  3. أخرجه أبو داود، كتاب النكاح، باب في الولي، برقم (2085)، والترمذي، أبواب النكاح عن رسول الله ﷺ، باب ما جاء لا نكاح إلا بولي، برقم (1101)، وابن ماجه، أبواب النكاح، باب لا نكاح إلا بولي، برقم (1880)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، برقم (1818).
  4. أخرجه أبو داود، كتاب النكاح، باب في الولي، برقم (2083)، والترمذي، أبواب النكاح عن رسول الله ﷺ، باب ما جاء لا نكاح إلا بولي، برقم (1102)، وابن ماجه، أبواب النكاح، باب لا نكاح إلا بولي، برقم (1879)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، برقم (1817).
  5. أخرجه مسلم، كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات، برقم (1599).
  6. الفوائد لابن القيم (ص:31).
  7. انظر: الموافقات (1/ 172).
  8. جامع العلوم والحكم ت الأرناؤوط (1/ 209).

مواد ذات صلة