بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
لما ذكر الله -تبارك وتعالى- عَدَدَ الطلاق، وما ينبغي للمُطلق طلاقًا رجعيًا، وما يتصل بالطلقة الثالثة فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ [سورة البقرة:230] بيَّن بعد ذلك ما ينبغي للأزواج إذا طلقوا كيف يكون حالهم عند ما تُقارب المرأة بلوغ الأجل في العدة، فقال الله -تبارك وتعالى: وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [سورة البقرة:231].
فقوله -تبارك وتعالى: وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ يعني: قاربن بلوغ الأجل بالاتفاق، فإنها إذا بلغت الأجل فلا سبيل إليها، فإنه لا يستطيع أن يُمسك بمعروف؛ لأنها خرجت من عصمته، فهذا كقوله: "قد قامت الصلاة" يعني: قرُب قيام الصلاة، وكقوله -تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ [سورة المائدة:6] يعني: إذا أردتم القيام للصلاة، فإن الطهارة شرطٌ لصحة الصلاة.
فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ يعني: المُراجعة، فإذا كان يريد الإبقاء عليها زوجة، فينبغي أن يكون ذلك الإمساك بالمعروف، وكما سبق أن الشارع يُحيل مثل هذا إلى المعروف، فإن ذلك يختلف بحسب حال الرجل، وحال زمانه، والموضع الذي هو فيه، فهذا يتفاوت، والمقصود: أن يُمسك بمعروف من جهة المعاشرة والنفقة والسُكنى، والكسوة، ونحو ذلك، فيقوم بحقوقها على الوجه المطلوب شرعًا وما يجمُل عُرفًا، أو يُسرح بمعروف، فإذا قرُبت العدة أن تنقضي، ولا رغبة له فيها، أو لا يستطيع أن يُقيم حدود الله، فإنه يُسرح بمعروف، يعني: السراح الجميل والحسن، كما ذكرنا سابقًا، يُسرحها تسريحًا من غير أذية لا بالقول ولا بالفعل، فلا يجرح مشاعرها، ولا يصدر منه سب، أو شتم لها، أو لأهلها، ومن غير أن يُصادر شيئًا من حقوقها ومُمتلكاتها، بل يُعطيها متعة بحسب يُسره وعُسره، جبرًا لخاطرها بعد طلاقها.
هذا هو اللائق، وهو التسريح بالمعروف، وهو أن يكون الفراق على حال تجُمل بأهل الإيمان والمروءات الكاملة، فالإنسان كما دخل مدخل الكِرام، وخطب إلى هؤلاء ابنتهم فأكرموه وزوجوه، فإذا تعذر الاستمرار، فينبغي أن يكون الفراق على حال كريمة، من غير أذى، والشارع أرشد إلى المفارقة بالمعروف، والهجر الجميل الذي لا أذية فيه، وهكذا، لكن حذَّر الشارع من الإمساك من أجل المُضارة وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا يعني: أن يُراجع بقصد الإضرار بهذه الزوجة من أجل أن يطول عليها المدة فلا تتزوج، ويطول عليها المعاناة، فتبقى أسيرة حبيسة عنده، فهذا لا يجوز، فإذا قاربت العدة أن تنقضي والمرأة تنتظر بفارغ الصبر، يقول بعد ذلك: راجعتكِ، ثم بعد ذلك تستأنف شوطًا جديدًا فيُطلق، ثم بعد ذلك تبدأ العدة، وتتطاول عليها الأيام، فإذا قاربت الانتهاء قال: راجعتكِ، وهكذا، فهذا حرام لا يجوز أن يكون الإمساك من أجل المُضارة، وبعضهم قد يفعل هذا من أجل أن تفتدي وتُعيد إليه المهر لتخلص نفسها، فهذا لا يجوز، ولا يحل له ما أخذ من هذه المرأة.
ولهذا قال هنا: وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ يعني: هذا الإنسان الذي يُراجع من أجل المُضارة الواقع أنه ظلم نفسه قبل أن يظلم هذه المرأة، فالإنسان الذي يظلم الناس، ويعتدي على حقوقهم ويأخذ أموالهم ويؤذيهم في أعراضهم، أو مصادرة حقوقهم، وأموالهم، أو لا يوفيهم حقهم إذا كانوا من العمال والخدم والأجراء ونحو ذلك فهذا في الواقع يظلم نفسه، فأنت حينما تؤذي الآخرين، أو تظلم الآخرين، أو حينما نوجه ألسنتنا في غيبتهم، أو نحو ذلك فالواقع أننا نظلم أنفسنا، هذا أصل كبير تُقرره هذه الآية فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ فهذه المعركة -أيها الأحبة- التي تكون بين الزوجين، وكل واحد يريد أن ينتصر فالمنتصر فيها خاسر، لكن الذي يتفوق ويترفع ويكون صاحب إحسان هذا هو المنتصر حقيقة، أما الذي يقف عند مفاصل الحقوق، ويُغالب ويُعارك، فهذه معركة خاسرة، تنتصر على من؟! فهنا يقول الله: فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لكونه يستحق العقاب.
ثم وجّه بعد ذلك بقوله: وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا واتخاذ الآيات هزوًا يشمل اتخاذ الآيات المشهودة، التي نُشاهدها في صفحة هذا الكون، وآيات الأنبياء الدالة على صدقهم، وهي الآيات المتلوة، سواء استهزأ بنفس الآية بلفظها، أو استهزأ بمضامينها من الأحكام التي تضمنتها، والتشريعات التي دعت إليها، فالتلاعب بمثل هذه الأمور، وتجاوز هذه القضايا يُعد من اتخاذ آيات الله هزوًا، كما سيأتي.
ثم قال: وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ يُذكرهم هذه النعمة المُهداة، والرحمة المُسداة، ببعث النبي ﷺ، وإنزال هذا الوحي الذي بيّن لهم فيه الحلال والحرام، والحقوق والواجبات، وما يكون به نظام الأُسرة، ونحو ذلك، فهذه نعمة، وكذلك الإسلام والإيمان فهو نعمة بعد أن كان الناس في ضلال وعمى عن صراط الله المستقيم، فيُذكرهم الله بهذا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ والنعمة هنا مفرد مضاف إلى معرفة، وهي الكاف (الضمير) يعني: واذكروا نِعم الله عليكم.
وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ فذكر النِعم المعنوية، والنِعم الحسية، النِعم الدارة، والنِعم القارة، فكل هذا مما أرشد القرآن إليه يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا [سورة الأحزاب:9] وهذا كثير في كتاب الله -تبارك وتعالى، فإن ذكر النعم بالقلب واستحضارها، وكذلك باللهج باللسان، وبالعمل بطاعة الله ، وتوظيفها في مرضاته، هذا كله مما دعا إليه القرآن، فينبغي أن تُحفظ النِعم بذكرها، ومن ذلك هذه التشريعات والهدايات التي تفضل الله بها على عباده، وإنزال الكتاب، وما يشرحه من سنة رسول الله ﷺ، فهي الحكمة التي يعظنا بها.
ولاحظ أنه سمى ذلك وعظًا، وهذه آيات في التشريع والأحكام كما ذكرنا في بعض المناسبات، والله -تبارك وتعالى- سمى القرآن موعظة، وكذلك أيضًا هو -تبارك وتعالى- يعظ عباده يَعِظُكُم بِهِ، وكذلك الأحكام هي موعظة للمؤمنين، فالموعظة ليست فقط هي الكلام الذي يُرقق القلوب من الترغيب أو الترهيب، أو نحو ذلك، بل حتى الأحكام والتشريعات هي من جملة الموعظة التي يعظنا الله -تبارك وتعالى- بها، وهذا يقتضي تقواه؛ ولهذا قال: وَاتَّقُوا اللَّهَ أي: اجعلوا بينكم وبين عذاب الله وقاية، وذلك بفعل ما أمر، واجتناب ما نهى، وهذا الأصل -الذي هو التقوى- إذا تحقق، فإن الإنسان يؤدي الحقوق إلى أصحابها، ويسلم الناس من ظلمه وأذاه، وكذلك يؤدي حقوق الله -تبارك وتعالى.
ثم قال: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ فحينما تُسلب الحقوق، أو يدعي الزوج على المرأة، أو تدعي المرأة على الزوج دعاوى لا حقيقة لها، وحينما يلحن بحجته، فيكون بذلك متفوقًا على هذه المرأة بلسنه، فالله بكل شيء عليم، وحينما يُنكر بعض الأمور التي وعدها بها، أو شارطته عليها، فالله بكل شيء عليم، مما يدور في القلوب، ومما يتفوه به الإنسان، ويُعاقد عليه الآخرين، ويُصادر من حقوقهم، وغير ذلك، بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ هذه أقوى صيغ العموم، فهذا الخبر وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ مُضمن معنى التهديد والوعيد، فإذا كان بكل شيء عليم، فسيُجازيكم، ولا يفوته شيء، وسيُحاسبكم على ذلك، فأدوا الحقوق على الوجه الأكمل؛ وليكن لكل واحدٍ منكم من نفسه رقيب يرقب أفعاله وأقواله، وهكذا.
فهذه الآية الكريمة فيها من الهدايات ألوان كثيرة، من ذلك: الالتفات كما في قوله: وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ فهذا خطاب، ثم بعد قال: فَلا تَعْضُلُوهُنَّ وهذا خطاب أيضًا، لكن الخطاب الأول للأزواج، والخطاب الثاني للأولياء؛ لأن الله -تبارك وتعالى- يقول: فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ فالذي يحصل منه المنع والعضل هو الولي.
وفي قوله -تبارك وتعالى: فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ فهذا يُبيِّن ما ينبغي أن تكون عليه الحياة الزوجية، وهي المعاشرة بالمعروف، والإمساك بالمعروف، فإن تعذر الإمساك والبقاء فالتسريح بالإحسان، إذًا: المعروف والإحسان تدور بنيهما هذه العلاقة ابتداء وانتهاء، يعني: ليس هناك مجال للظلم والمُصادرة والأذى، وسوء العشرة، في البقاء على عقد الزوجية، وكذلك في حال الفراق والطلاق، وهذا لا يحصل إلا إذا كانت النفوس قد تروضت بالإيمان، وارتبطت بالله -تبارك وتعالى، وصار العبد يُحاسب نفسه مُحاسبة تامة، ويضع نفسه في مقام الآخرين، فلا يصدر عنه من الأقوال والأفعال إلا ما يُحب أن يوجه إليه، وبهذا يستريح ويُريح.
فنلحظ عناية الشارع بهذا الجانب، وهو أن تكون هذه العلاقة على هذا الأساس؛ ولهذا قال: وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا [سورة آل عمران:103] فهذه نِعم من الله -تبارك وتعالى، وهذه الرابطة بين الزوجين، وهذا التشريع الذي يُنظمها، وهذا التأليف والمودة والرحمة التي تكون بين هذين الزوجين، كلها نِعم من الله -تبارك وتعالى، ينبغي أن يُتعامل معها على الوجه اللائق بها.
وكذلك أيضًا في قوله -تبارك وتعالى: فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ فجاء التأكيد عليه بقوله: وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا من باب إبراز المقصود من هذا الإبقاء والإمساك لهذه الزوجة، وهو أن يكون بالمعروف، والذي لا يفهم صُرح له بقوله: وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا.
وقوله: وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ فهذا يبعث الإنسان على تجنب الظلم؛ لأنه يشعر أنه واقع عليه، وأن هذا الظلم الموجه إلى هذه الزوجة، أو إلى غيرها، الواقع أنه موجه إلى نفسه قبلها، فقد يظن أنه هو المُنتصر فإذا علم أنه يظلم نفسه بهذه الأفعال، فإنه لا يُمعن في هذا السبيل؛ لأن الظلم للآخرين يُعرض الإنسان إلى سخط الله -تبارك وتعالى.
وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا هذا يدل على عدم مراعاة هذه الحدود التي حدَّها الله -تبارك وتعالى- من قبيل اتخاذ آيات الله هزوًا، وإن كان الاستهزاء يتفاوت، فقد يكون الاستهزاء من قبيل العصيان، وقد يكون في بعض صوره من قبيل الكفر بالله -تبارك وتعالى، كما قال الله عن المنافقين: قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [سورة التوبة:65، 66] ومن الاستهزاء بآيات الله -تبارك وتعالى- فيما يتعلق بموضوع الطلاق على سبيل المثال: اتخاذ هذا اللفظ، أو نحو ذلك على لسان الإنسان، إذا أراد من آخر أن يجلس، أو يقوم، أو يأكل، أو نحو ذلك حلف عليه بالطلاق، فالطلاق لا يُستعمل بهذه الطريقة، وكذلك تهديد المرأة دائمًا به، بأن يقول لها دائمًا: إن خرجتِ فأنتِ طالق، إن قمتِ فأنتِ طالق، إن قعدتِ فأنتِ طالق، إن فعلتِ كذا فأنتِ طالق، فهذه قضايا شرعية لا يجوز العبث بها، واستعمال ذلك في غير موضعه، والحلف بالطلاق حرام لا يجوز، وبعض الناس يقول ذلك مازحًا، إما لزوجته أو لغيرها، وكما هو معلوم فقد قال النبي ﷺ: ثلاث جدهن جِد، وهزلهن جد[1]، فبعض الناس يمزح مع زوجته فتقول له: أتحداك أن تطلقني، فيقول: أنتِ طالق، فقيل له: هذا طلاق يقع، فبُهت، فهذا المزاح بين الزوجين لا يصح، ولا يجوز بحال من الأحوال.
وكذلك بعض الناس قد يُكثر من هذا الطلاق، فكل من مر به، قال: عليّ الطلاق أنك تشرب، وعليّ الطلاق أن تأكل، وعليّ الطلاق أنك تجلس، فحينما تُنكر عليه يقول: أنا أصلاً غير متزوج، فيُقال: هذا من اتخاذ آيات الله هزوًا، هذه قضية شرعية، لا يجوز للإنسان أن يتخذ ذلك على سبيل المزاح والضحك والتندر، ونحو ذلك.
ومن اتخاذ آيات الله هزوًا: في باب النُكت والطرائف؛ ولذلك القاعدة العامة في هذا الباب: أن كل ما يتعلق بالتشريع، أو بالله، أو بالآيات القرآنية، أو بالأنبياء والرسل والملائكة والكرام، ونحو ذلك لا يجوز أن يوضع في مقام يضحك منه السامع؛ لأن المقصود هو التعظيم لهذه الأمور، فهذه النكت والطرائف، كمن يقول مثلاً: إمام حصل له كذا، وأشياء تُذكر فيضحك منها الناس، هذا لا يصح، ولا يجوز بحال من الأحوال.
ومما يُؤخذ من هذه الآية بيان أن مِنة الرب -تبارك وتعالى- على عباده بإنزال الكتاب، والحكمة، من أعظم المِنن؛ وذلك أن الله -تبارك وتعالى- قد خصصها بعد التعميم، فلما قال: وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ فالنعمة هنا مفرد مضاف، إي نِعم الله عليكم، فيدخل فيها إنزال الكتاب، والحكمة، وسائر النِعم.
ثم قال: وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ فخصَّ هاتين النِعمتين؛ لأنهما أعظم النِعم، حيث السعادة تتوقف عليهما في الدنيا والآخرة.
فهذا بعض ما يتعلق بهذه الآية الكريمة، وأسأل الله أن يُفقهنا وإياكم في الدين، وأن يجعلنا وإياكم هداة مهتدين.
والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.
- أخرجه الترمذي أبواب الطلاق واللعان، باب ما جاء في الجد والهزل في الطلاق برقم: (1184) وأبو داود في كتاب الطلاق، باب في الطلاق على الهزل برقم: (2194) وابن ماجه في كتاب الطلاق، باب من طلق أو نكح أو راجع لاعباً برقم: (2039) وحسنه الألباني.