الجمعة 30 / ربيع الأوّل / 1446 - 04 / أكتوبر 2024
[55] تابع لقوله تعالى: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ} الآية 125
تاريخ النشر: ٢٥ / ذو الحجة / ١٤٢٥
التحميل: 3750
مرات الإستماع: 3249

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

يقول المفسر –عليه رحمة الله:

النزاع في وضع الحجر الأسود وقضاء محمد بن عبد الله القضاء العادل ﷺ.

قال ابن إسحاق[1]: ثم إن القبائل من قريش جَمَعت الحجارة لبنائها، كل قبيلة تجمع على حدة، ثم بنوها حتى بلغ البنيان موضع الركن -يعني الحجر الأسود -فاختصموا فيه؛ كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه دون الأخرى حتى تحاوروا وتخالفوا وأعدوا للقتال، فقربت بنو عبد الدار جفنة مملوءة دماً ثم تعاقدوا هم وبنو عدي بن كعب بن لؤي على الموت وأدخلوا أيديهم في ذلك الدم في تلك الجفنة، فسموا: لعَقَة الدم. 

فمكثت قريش على ذلك أربع ليال أو خمسًا، ثم إنهم اجتمعوا في المسجد فتشاوروا وتناصفوا، فزعم بعض أهل الرواية أن أبا أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم -وكان عامئذ أسن قريش كلهم- قال: يا معشر قريش، اجعلوا بينكم فيما تختلفون فيه أول من يدخل من باب هذا المسجد يقضي بينكم فيه، ففعلوا، فكان أول داخل رسول الله ﷺ فلما رأوه قالوا: هذا الأمين رضينا، هذا محمد، فلما انتهى إليهم وأخبروه الخبر، قال ﷺ: هَلُمَّ إليَّ ثوبًا فأتي به، فأخذ الركن -يعني الحجر الأسود- فوضعه فيه بيده، ثم قال: لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ثم ارفعوه جميعاً ففعلوا، حتى إذا بلغوا به موضعه وضعه هو بيده ﷺ ثم بُنيَ عليه.

وكانت قريش تسمي رسول الله ﷺ قبل أن ينزل الوحي: الأمين.

فلما فرغوا من البنيان وبنوها على ما أرادوا، قال الزبير بن عبد المطلب فيما كان من أمر الحية التي كانت قريش تهاب بنيان الكعبة لها:

عجبت لَمَا تصوبت العُقَاب إلى الثعبان وهي لها اضطراب
وقد كانت يكون لها كشيش وأحيانًا يكون لها وثَاب
إذا قمنا إلى التأسيس شَدَّت تُهَيّبُنُا البناءَ وقد تُهَابُ
فلما أن خَشِينا الزَّجْرَ جاءت عقاب تَتْلَئِبُّ لها انصباب
فضمتها إليها ثم خَلَّت لنا البنيانَ ليس له حجاب
فَقُمْنَا حاشدين إلى بناء لنا منه القواعدُ والتراب
غداة نرَفع التأسيس منه وليس على مُسَوِّينا ثياب
أعَزّ به المليكُ بني لُؤي فليسَ لأصله منْهُم ذَهاب
وقد حَشَدَتْ هُنَاك بنو عَديّ ومُرَّة قد تَقَدَّمَها كلاب
فَبَوَّأنا المليك بذاكَ عزّا وعند الله يُلْتَمَسُ الثواب

قال ابن إسحاق: وكانت الكعبة على عهد النبي ﷺ ثمانية عشر ذراعًا وكانت تكسى القباطي.

قوله: وكانت تكسى القباطي: القباطي جمع قُبطية وهي ثياب بيضاء من الكتان تنسج في البلاد المصرية، أي أن الكعبة لم تكن تكسى بالحرير.

 ثم كُسِيت بعدُ البُرود، وأول من كساها الديباج الحجاج بن يوسف.

البُرود–بالواو- أو البُرد -بإسكان الراء وضم الباء- والبرد أصله لحاف مخطط يلتحف به وهي من الثياب الغليظة وفيها خشونة بعض الشيء وهي أفضل من الكتان اللين الذي كانت تكسى الكعبة به قبلُ.

قلت: ولم تزل على بناء قريش حتى احترقت في أول إمارة عبد الله بن الزبير بعد سنة ستين وفي آخر ولاية يزيد بن معاوية لما حاصروا ابن الزبير، فحينئذ نقضها ابن الزبير إلى الأرض وبناها على قواعد إبراهيم وأدخل فيها الحجر، وجعل لها بابًا شرقيًّا وبابًا غربيًّا ملصقين بالأرض كما سمع ذلك من خالته عائشة أم المؤمنين -ا- عن رسول الله ﷺ، ولم تزل كذلك مُدَّة إمارته حتى قتله الحجاج فردَّها إلى ما كانت عليه بأمر عبد الملك بن مَرْوان له بذلك.

روى مسلم بن الحجاج في صحيحه عن عطاء قال: لما احترق البيت زَمَنَ يزيد بن معاوية حين غزاها أهل الشام فكان من أمره ما كان، تركه ابن الزبير حتى قدم الناس الموسمَ يريد أن يُجَرِّئَهم أو يُحزبهم على أهل الشام.

يعني حتى إذا رأوا الكعبة محترقة وقع في نفوسهم ما وقع من الغيظ على أهل الشام، فهو يريد أن يحرك نفوس الناس تجاه أهل الشام برؤيتهم بيت الله كيف صنعوا به.

 فلما صدر الناس قال: يا أيها الناس، أشيروا عليَّ في الكعبة أنقضها ثم أبني بناءها أو أصلح ما وَهَى منها؟

قال ابن عباس: فإني قد خرِقَ لي رأي فيها، أرى أن تُصْلِحَ ما وَهى منها وتدع بيتًا أسلم الناس عليه وأحجارًا أسلم الناس عليها، وبعث عليها ﷺ فقال ابن الزبير: لو كان أحدهم احترق بيته ما رضي حتى يجدده فكيف بيت ربكم ؟ إني مستخير ربي ثلاثًا ثم عازم على أمري، فلما مضَت ثلاث أجمع رأيه على أن ينقضها، فتحاماها الناسُ أن ينزل بأول الناس يصعد فيه أمْر من السماء.

قوله: أن ينزل بأول الناس يصعد فيه أمْر من السماء: يعني أول واحد يبدأ بالهدم تنزل به عقوبة.

فتحاماها الناسُ أن ينزل بأول الناس يصعد فيه أمْر من السماء حتى صعده رجل فألقى منه حجارة، فلما لم يَره الناس أصابه شيء تتابعوا فنقضوه حتى بلغوا به الأرض، فجعل ابن الزبير أعمدة يستر عليها الستور، حتى ارتفع بناؤه.

يعني بدل أن يكون المكان مستوياً بالأرض لا بناء فيه وضع ستوراً يتوجه إليها الناس في صلاتهم، وليكون ذلك أدعى لبقاء المهابة في نفوسهم؛ فإن بيت الله له من المنـزلة في نفوس الناس ما لا يخفى.

وقال ابن الزبير: إني سمعت عائشة -ا- تقول: إن النبي ﷺ قال: لولا أن الناس حديث عهدُهم بكفر وليس عندي من النفقة ما يُقَوِّيني على بنائه لكنت أدخلت فيه من الحجر خمسة أذرع، ولجعلت له بابًا يدخل الناس منه وبابًا يخرجون منه قال: فأنا أجد ما أنفق ولست أخاف الناس، قال: فزاد فيه خمسة أذرع من الحجر حتى أبدى له أساً نَظَر الناس إليه فبنى عليه البناء. 

وكان طول الكعبة ثمانية عشر ذراعًا فلما زاد فيه استقصره فزاد في أوله عشرة أذرع، وجعل له بابين: أحدهما يدخل منه والآخر يخرج منه، فلما قُتِل ابنُ الزبير كتب الحجَّاج إلى عبد الملك يستجيزه بذلك، ويخبره أن ابن الزبير قد وضع البناء على أس نظر إليه العدول من أهل مكة، فكتب إليه عبد الملك: إنا لسنا من تلطيخ ابن الزبير في شيء، أما ما زاده في طوله فأقره، وأما ما زاد فيه من الحجر فرده إلى بنائه، وسد الباب الذي فتحه فنقضه وأعاده إلى بنائه[2]، وقد رواه النسائي في سننه عن عائشة بالمرفوع منه ولم يذكر القصة.

وقد كانَت السنة إقرار ما فعله عبد الله بن الزبير ؛ لأنه هو الذي وَدَّه رسول الله ﷺ ولكن خشي أن تنكره قلوب بعض الناس لحداثة عهدهم بالإسلام وقربِ عهدهم من الكفر، ولكن خفيت هذه السُّنةُ على عبد الملك بن مروان، ولهذا لما تحقق ذلك عن عائشة أنها روت ذلك عن رسول الله ﷺ قال: وددنا أنا تركناه وما تولى.

كما روى مسلم عن عبد الله بن عبيد، قال: وَفَدَ الحارث بن عبد الله على عبد الملك بن مروان في خلافته، فقال عبد الملك: ما أظن أبا خُبَيبٍ -يعني ابن الزبير- سمع من عائشة ما كان يزعم أنه سمعه منها، قال الحارث: بلى أنا سمعته منها، قال: سمعتها تقول ماذا؟ قال: قالت: قال رسول الله ﷺ: إن قومك استقصروا من بنيان البيت، ولولا حداثة عهدهم بالشرك أعدت ما تركوا منه، فإن بدا لقومك من بعدي أن يبنوه فَهَلُمِّي لأريك ما تركوا منه فأراها قريبًا من سبعة أذرع[3].

زاد الوليد بن عطاء أحد رواته: قال النبي ﷺ: ولجعلت لها بابين موضوعين في الأرض شرقيًّا وغربيًّا، وهل تدرين لم كان قومك رفعوا بابها؟ قالت: قلت: لا، قال: تَعَزُّزًا ألا يدخلها إلا من أرادوا، فكان الرجل إذا هو أراد أن يدخلها يَدَعونه حتى يرتقي، حتى إذا كاد أن يدخل دفعوه فسقط قال عبد الملك: فقلت للحارث: أنت سمعتها تقول هذا؟ قال: نعم، قال: فَنَكَتَ ساعة بعصاه، ثم قال: وَدِدْتُ أني تركت وما تَحَمَّل[4].

وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: يُخَرِّب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة أخرجاه[5].

وعن عبد الله بن عباس -ا- عن النبي ﷺ قال: كأني به أسودَ أفحَجَ، يقلعها حجرًا حجرًا رواه البخاري[6].

وروى الإمام أحمد بن حنبل في مسنده عن عبد الله بن عمرو بن العاص -ا- قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: يُخَرِّب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة ويسلبها حلْيتها ويجردها من كسوتها، ولكأني أنظر إليه أصيلع أفَيْدعَ يضرب عليها بِمِسْحَاته ومِعْوله[7].

الفَدَع: زيغ بين القدم وعظم الساق.

قوله –عليه الصلاة والسلام: ذو السويقتين يعني أن ساقه دقيقة، ودقة الساقين هذا غالب حال الأفارقة.

ويقول ابن كثير: الفَدَع: زيغ بين القدم وعظم الساق: هذا أصله تحول في المفاصل، فإذا كان في القدم بحيث كانت القدم متحركة عن الساق وكأنها قد فارقت المفصل فهذا معنى أفيدع، ومثل هذا التصغير يأتي لمعان منها التحقير.

وهذا -والله أعلم- إنما يكون بعد خروج يأجوج ومأجوج؛ لما جاء في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله ﷺ: ليُحَجَّنَّ البيتُ وليُعْتَمَرَنَّ بعد خروج يأجوج ومأجوج[8].

وقوله تعالى حكاية لدعاء إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام: رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [سورة البقرة:128] قال ابن جرير: يعنيان بذلك واجعلنا مستسلمين لأمرك خاضعين لطاعتك ولا نشرك معك في الطاعة أحدًا سواك ولا في العبادة غيرك.

وقال عكرمة: رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ قال الله: قد فعلت وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ قال الله: قد فعلت.

وهذا الدعاء من إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام- كما أخبرنا الله تعالى عن عباده المتقين المؤمنين في قوله: وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا [سورة الفرقان:74] وهذا القدر مرغوب فيه شرعًا؛ فإن من تمام محبة عبادة الله تعالى أن يحب أن يكون من صلبه من يعبد الله وحده لا شريك له؛ ولهذا لما قال الله تعالى لإبراهيم إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا [سورة البقرة:124] قال: وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ [سورة البقرة:124] وهو قوله: وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ [سورة إبراهيم:35].

وقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي ﷺ أنه قال: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له[9].

وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا [سورة البقرة:128] قال سعيد بن منصور: أخبرنا عتَّاب بن بشير عن خُصيف عن مجاهد قال: قال إبراهيم: وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا فأتاه جبرائيل فأتى به البيت فقال: ارفع القواعد فرفع القواعد وأتم البنيان، ثم أخذ بيده فأخرجه فانطلق به إلى الصفا.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

ما سبق من ذكر بنيان الكعبة وما جرى فيه كل ذلك من قبيل الاستطراد، وذلك من عادة ابن كثير -رحمه الله- في مواضع من هذا الكتاب فإنه لربما بلغ موضعاً يتعلق به حدث جاءت فيه روايات وأخبار وما إلى ذلك فيستطرد في الكلام فيه، وسيأتي في بعض المواضع مثل هذا كما في قصة الإسراء مثلاً، فإنه يذكر الصفحات التي يسوق فيها الروايات المختلفة في هذا الموضوع، ولو أن ذلك حذف من هذا المختصر وأبقيت المعاني المتصلة بالآيات فقط  لربما كان ذلك أكثر ملاءمة ومناسبة للاختصار، والله أعلم.

قوله -تبارك وتعالى: وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا [سورة البقرة:128] يحتمل معنيين:

المعنى الأول: وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا من الرؤية البصرية، أي أنهم يرونها ويشاهدونها ويقفون عليها بالمشاهدة، ويدل على ذلك هذه الرواية: قال إبراهيم: وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا فأتاه جبريل...، لكن ذلك من جهة الرواية ليس متصلاً فلا يعتمد عليه، ولكن الذي عليه عامة السلف والخلف من المفسرين أن المراد بالرؤية هنا، الرؤية البصرية بحيث أنه يوقف ويشاهد المناسك، وذلك يدخل فيه سائر المناسك من الصفا والمروة.. وما إلى ذلك.

والمعنى الثاني: أن تكون وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا من الرؤية القلبية، فيكون ذلك من جهة التعليم بأن يعرفه ويعلمه ولو لم يكن ذلك بالمشاهدة، فبهذا الاعتبار تكون هذه الرؤية قلبية.

وابن جرير الطبري -رحمه الله- لم يفرق بين الأمرين، ولعل هذا أنسب والله تعالى أعلم؛ إذ إن الآية تحتمل المعنيين وبينهما ملازمة لا تخفى؛ لأنه حينما يقف على هذه المناسك فيراها ببصره فإن ذلك يقتضي العلم بها ولا بد، والعلم بها هو الرؤية القلبية، ويدل على الرؤية القلبية القراءة الأخرى أرْنا مناسكنا -بإسكان الراء- والله أعلم.

والمناسك جمع نسك، ويقول بعضهم: إن أصله في كلام العرب الغسل، وفي الشرع فيه كلام معروف وخلاف؛ إلا أن المناسك تطلق على العبادة عموماً، ولهذا يقال: للذبيحة التي تذبح لله: نسيكة، والمكان الذي يذبح فيه يقال له: منسك، ومكان العبادة أيضاً يقال له: منسك، والله أخبر أنه جعل لكل أمة منسكاً، قال تعالى: لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ [سورة الحـج:67]، وهذا يمكن أن يفسر بأنه مكاناً للتعبد أو مكاناً للذبح، ولا شك أن الذبح لله من أجلِّ العبادات، فهو مكان للتعبد، ومن جملة ما يتعبد به لله الذبح لله من الهدايا والقرابين.

والمقصود بقوله: وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا قال بعضهم: مناسك الحج، أو مواضع الذبح، وقيل: جميع التعبدات، ولا شك أن ما يتعلق بالحج أولى ما يدخل فيه؛ لأنه قال ذلك عند بناء الكعبة، وإبراهيم ﷺ كما سيأتي هو إمام الحنفاء، وكبير الأنبياء -عليه الصلاة والسلام- فقد سن سنن الهُدى، فكان ذلك باقياً من بعده، كالختان ومناسك الحج ونحو ذلك، وصار الدين الحنيف منسوباً إليه -عليه الصلاة والسلام.

فالمقصود على كل حال أن قوله تعالى: وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا أي ما يتعبد به لله ومن أخص ما يدخل في ذلك ما يتعلق بأعمال الحج من وقوف بعرفة، ورمي للجمار، ووقوف عند المشعر الحرام بمزدلفة، وطواف بالبيت، وسعي بين الصفا والمروة، وما إلى ذلك، والله أعلم. 

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

  1. سيرة ابن هشام (ج1 / ص 196 -197).
  2. أخرجه مسلم في كتاب الحج - باب نقض الكعبة وبنائها (1333) (ج 2 / ص 968) وفي النسائي في كتاب مناسك الحج - الحِجـر (2910) (ج 5 / ص 218).
  3. أخرجه مسلم في كتاب الحج - باب نقض الكعبة وبنائها (1333) (ج 2 / ص 968).
  4. المصدر السابق نفسه.
  5. أخرجه البخاري في كتاب الحج - باب هدم الكعبة (1519) (ج 2 / ص 579) ومسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة - 18 - باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيتمنى أن يكون مكان الميت من البلاء (2909) (ج 4 / ص 2232).
  6. أخرجه البخاري في كتاب الحج - باب هدم الكعبة (1518) (ج 2 / ص 579)
  7. مسند أحمد (ج 2 / ص 220) وقال شعيب الأرنؤوط: بعضه مرفوع صحيح وبعضه يروى موقوفا ومرفوعا والموقوف أصح
  8. أخرجه البخاري في كتاب الحج – باب قول الله تعالى: جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ [سورة المائدة:97] حديث رقم (1516) (ج 2 / ص 578).
  9. صحيح مسلم في كتاب الوصية – باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته (1631) (ج 3 / ص 1255).

مواد ذات صلة