الجمعة 19 / رمضان / 1445 - 29 / مارس 2024
(06) هل بلغك ما وقع للإمام أحمد بن نصر الخزاعي رحمه الله ؟
تاريخ النشر: ٢٨ / شوّال / ١٤٣٦
التحميل: 4028
مرات الإستماع: 3757

(6) هل بلغك ما وقع للإمام أحمد بن نصر الخُزاعي -رحمه الله-؟

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

كان آخر ما ذكرنا هو الحديث المُخرج في الصحيحين حديث أبي هريرة في الرجل الذي أوصى بنيه إذا مات أن يُحرقوه، ثم بعد ذلك أن يسحقوه، ثم بعد ذلك أوصاهم أن يذروه في يوم عاصف، وأن الله -تبارك وتعالى- جمع خلقه، وسأله عما حمله على ذلك، فذكر خشية الله، فغفر الله له[1]، فهذا كما قال شيخ الإسلام -رحمه الله- شك في قدرة الله في أقل حالاته[2]، وإلا فهو في ظاهر حاله يعتقد أن الله لا يبعثه، يعني لا يقدر على بعثه، وأن الله -تبارك وتعالى- لا يقدر على بعث من كان بهذه المثابة، سُحق وذُري، فهذا لا شك أنه كفر، ومع ذلك لم يكفر.

في ظاهر حاله يعتقد أن الله لا يبعثه، يعني لا يقدر على بعثه، وأن الله -تبارك وتعالى- لا يقدر على بعث من كان بهذه المثابة، سُحق وذُري، فهذا لا شك أنه كفر، ومع ذلك لم يكفر.

وذكرنا بعد ذلك قول شيخ الإسلام -رحمه الله- فيمن خفي عليهم أمور من المسائل العلمية أو العملية ولم يكن ذلك عن تقصير منهم فكانوا معذورين، فذكر أشياء من هذا في جماعة من السلف أنكروا بعض القراءات الثابتة المتواترة فلم يُخرجهم ذلك من الإسلام[3].

وكذلك أيضاً ذكر المعتزلة والجهمية وأن العلماء قد حكموا بكفر من قال بخلق القرآن، أو أنكر الرؤية، ولكنهم لم يُكفِّروا هؤلاء بأعيانهم، لا الخليفة، ولا غير الخليفة، وأن الإمام أحمد -رحمه الله- ترحم على المعتصم، وحلّله، وهو الذي تبنى ذلك بقوة، وقد جرى ذلك لأربعة من الخلفاء تتابعوا على قول المعتزلة، وتبنِّي مذهب المعتزلة، المأمون، ثم المعتصم، ثم الواثق، ثم المتوكل إلى أن رُفعت المحنة على يد المتوكل بعد ذلك.

وتقدم ما جرى على يد هؤلاء، وعلى يد كبير القضاة أحمد بن أبي دؤاد، وأنهم قد حملوا الصبيان في الكتاتيب على هذا المذهب الفاسد، ولا يُولَّى أحد ولاية إلا إذا تبنى هذا المذهب الفاسد، ولا يُعطَى لأحد رَزقٌ من بيت المال يعني لا المؤذن، ولا الإمام، ولا القاضي ولا غير ذلك إلا إذا تبنى هذا المذهب، وما كانوا يفكون الأسير إلا إذا أقر بمذهبهم الفاسد وقال بخلق القرآن، وإلا تركوه بيد العدو، وذكرت ما جرى للإمام أحمد بن نصر الخُزاعي وكذلك ما جرى للإمام أحمد بن حنبل على سبيل الإيجاز.

وما وقع للعلماء في ذلك الوقت حيث وضعوهم في القيود والأكبال وأودعوهم في سجون مظلمة حتى إن من ورّى وترخص اعتذر عن نفسه بأنه وضع في مكان لا يرى فيه شمساً ولا قمراً حتى خشي على بصره، كل هذا، وما جرى لأحمد بن نصر الخُزاعي وتجدون خبره في ترجمته في (سير أعلام النبلاء)، وفي تاريخ ابن كثير (البداية والنهاية) بشيء من التفصيل، وكذلك في (تاريخ بغداد) وغير ذلك من المصنفات، على سبيل المثال هذا سياق الحافظ ابن كثير -رحمه الله- ذكر ما وقع لأحمد بن نصر الخُزاعي: حيث جُمع جماعة من رءوس أصحاب أحمد بن نصر معه، وأُرسلوا إلى الخليفة في "سُرّ مَن رأى" -يعني سامراء- وذلك في آخر شعبان، فأُحضر له جماعة من الأعيان، وحضر القاضي أحمد بن أبي دؤاد المعتزلي، وأُحضر أحمد بن نصر -رحمه الله، فلما جيء به إلى الواثق، وكان قد أحضر هؤلاء الأعيان والفقهاء والقضاة وعلى رأسهم أحمد بن أبي دؤاد قال له: ما تقول في القرآن؟ فقال: هو كلام الله، هذا الخليفة يسأل، قال: أمخلوق هو؟

قال: هو كلام الله، وكان أحمد بن نصر قد استقل وباع نفسه، يعني تحضر وتجهز وتحنط وتنوّر، يعني: أزال الشعر الذي دعت الفطرة والشرع إلى إزالته، وشد على عورته ما يسترها.

فقال له: فما تقول في ربك أتراه يوم القيامة؟.

فقال: يا أمير المؤمنين، لاحظ: ما قال: يا كافر، يا عدو الله، يا أبا جهل، الآن هؤلاء الشبيبة بعضهم يلقب إمام العصر سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- بأبي جهل، إذا كان هذا الإمام الذي أجمع الناس على محبته يكون بهذه المثابة فمن يُقبل قوله ويُرتضى؟!.

أقول: إن هذا الخليفة الواثق لما سأله، قال: يا أمير المؤمنين، قد جاء القرآن والأخبار بذلك -يعني: في إثبات الرؤية، قال الله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ۝ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة:22-23]، وقال رسول الله ﷺ : إنكم ترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تُضامون في رؤيته[4]، فنحن على الخبر، يقول: فنحن على الخبر، زاد الخطيب البغدادي: قال الواثق: "ويحك أيُرى كما يُرى المحدود المتجسم، ويحويه مكان ويحصره الناظر؟"[5]، قال الخليفة بعدما سأل هذا السؤال الذي لا يصلح، قال عن نفسه بأنه يكفر بربٍّ هذه صفته، ثم قال أحمد بن نصر للواثق: وحدثني سفيان بحديث يرفعه -يعني زاده على ما سأل- إن قلب ابن آدم بأصبعين من أصابع الله يُقلبه كيف شاء، وكان النبي ﷺ يقول: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك[6]، فقال له إسحاق بن إبراهيم: ويحك، انظر ما تقول، فقال: أنت أمرتني بذلك، يقول لإسحاق بن إبراهيم، فأشفق إسحاق من ذلك، وقال: أنا أمرتك؟.   

قال: نعم، أنت أمرتني أن أنصح له، فقال الواثق لمن حوله: ما تقولون في هذا الرجل؟، فأكثروا القول فيه، فقال عبد الرحمن بن إسحاق وكان قاضياً على الجانب الغربي -يعني من بغداد- فعُزل، وكان موادًّا لأحمد بن نصر قبل ذلك: يا أمير المؤمنين، هو حلال الدم.

وقال أبو عبد الله الأرمني صاحب أحمد بن أبي دؤاد: اسقني دمه يا أمير المؤمنين.

فقال الواثق: لابد أن يأتي ما تريد.

وقال ابن أبي دؤاد: هو كافر يُستتاب لعل به عاهة أو نقص عقل.

فقال الواثق: إذا رأيتموني قمت إليه فلا يقومن أحد معي فإني أحتسب خُطاي ثم نهض إليه بالصمصامة، وقلنا بأنها كانت سيفاً لعمرو بن معدي كرب أُهديت لموسى الهادي في أيام خلافته، فلما انتهى إليه ضربه بها على عاتقه وهو مربوط بحبل قد أوقف على نِطع، يعني: على جلد، من أجل أن الدم لا يلوث المكان، ثم ضربه أخرى على رأسه، ثم طعنه بالصمصامة في بطنه، -هذا الخليفة الآن- فسقط صريعاً -رحمه الله- على النطع ميتاً.

يقول ابن كثير: "فإن لله وإنا إليه راجعون، ثم انتضى سِيما الدمشقي سيفه فضرب عنقه وحز رأسه، وحُمل معترضاً حتى أُتي به الحظيرة التي فيها بابك الخُرَّمي فصُلب فيها، وفي رجليه زوج قيود -يعني عليه قيود مزدوجة أي مضاعفة، وعليه سراويل وقميص، وحُمل رأسه إلى بغداد فنُصب في الجانب الشرقي أياماً، وفي الغربي أياماً، وعنده الحرس في الليل والنهار، وفي أُذنه رُقعة، لاحظ هذا إمام من أئمة المسلمين أبيض اللحية والرأس، في أُذنه علقوا رُقعة مكتوب فيها: هذا رأس الكافر المشرك الضال أحمد بن نصر الخُزاعي ممن قُتل على يد عبد الله هارون الواثق بالله أمير المؤمنين بعد أن أقام عليه الحجة في خلق القرآن ونفي التشبيه، وعرض عليه التوبة، ومكنه من الرجوع إلى الحق فأبى إلا المعاندة والتصريح، فالحمد لله الذي عجله إلى ناره، وأليم عقابه بالكفر، فاستحل بذلك أمير المؤمنين دمه، ولعنه.   

ثم أمر الواثق بتتبع رءوس أصحابه، فأخذوا منهم نحواً من تسعة وعشرين رجلاً، فأودعوا في السجون، وسُمّوا بالظَلمة، ومُنعوا من الزيارة وقُيدوا بالحديد، ولم يجرِ عليهم شيء من الأرزاق التي كانت تجري على المحبوسين، وكان أحمد بن نصر هذا من أكابر العلماء العالمين القائمين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وسمع الحديث من حماد بن زيد وسفيان بن عيينة، هؤلاء شيوخه، وهُشيم بن بشير، وكانت عنده مصنفاته كلها، وسمع من الإمام مالك بن أنس أحاديث جيدة، يقول: وحدث عنه أحمد بن إبراهيم الدورقي ويحيى بن معين وذكره يوماً يعني -يحيى بن معين- فترحم عليه، وقال: قد ختم الله له بالشهادة، وأثنى عليه كثيراً[7].  

وذكره الإمام أحمد -رحمه الله- يوماً فقال: رحمه الله، ما كان أسخاه بنفسه، لقد جاد بنفسه له[8]، يعني لله.

يقول ابن كثير: ولم يزل رأسه منصوباً من يوم الخميس الثامن والعشرين من شعبان من هذه السنة -أعني سنة إحدى وثلاثين ومائتين- إلى بعد عيد الفطر بيوم أو يومين من سنة سبع وثلاثين ومائتين،، فجُمع بين رأسه وجثته ودُفن بالجانب الشرقي من بغداد بالمقبرة المعروفة بالمالكية[9].

يعني كم بقي؟ ست سنوات، الرأس في جهة والجسد مصلوب في جهة، ومعلق في أُذنه هذه الرقعة المكتوب فيها مثل هذا الكلام القبيح، وماذا حصل بعد هذا؟ هل كان ذلك سبباً لحمل طلاب العلم فضلاً عن غيرهم السلاح أو تكفير الخليفة الواثق؟.

الجواب: لا، لم يكن شيء من ذلك، تصور لو كان هؤلاء يعيشون في تلك الحال وفُعل بهذا الإمام هذا الفعل وهم شهود حضور ماذا سيفعلون؟، ولذلك لاحظوا حينما كان العلماء -رحمهم الله- من أئمة أهل السنة جبالا في ذلك العصر، يعني في هذا العصر كان يوجد الإمام الشافعي، يعني هذا تتلمذ على الإمام مالك، ويوجد الإمام أحمد، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، وأمثال هؤلاء من الجبال الكبار ويجري ذلك في عصرهم ويفتي هذا العدد الكبير منهم بكفر من قال بخلق القرآن، خمسمائة أفتوا بكفر من قال بخلق القرآن، ولكن هذا لم يتعدَّ إلى تكفير المأمون والمعتصم والواثق والمتوكل، مع أنهم تبنوا هذا بقوة، وامتحنوا العلماء وغير العلماء على هذا القول، ولم يكن ذلك أيضاً سبباً لحمل العامة وأشباه العامة على قتل من يرتبط بهؤلاء بسبب من فقيه أو جندي أو غير ذلك، ما حصل، ولم يُنقل أنه قُتل جندي واحد في عهد هؤلاء الخلفاء جميعاً، ولم تتحول هذه القضية إلى جدل واختلاف وفُرقة بين أهل السنة هذا يُكفر زيداً، وهذا يتوقف، وذاك الذي يُكفره يُكفر هذا المتوقف الذي لم يستبن له كفره ويقول: من شك في كفر الكافر فهو كافر، ما حصل إطلاقاً، وإنما كانوا يُوردون ذلك كما تورد نصوص الكتاب والسنة في الوعيد العام، فيقولون: من قال كذا فهو كافر دون الاشتغال بالمعين، من قال ومن لم يقل؟، وهل قامت عليه الحجة أو لم تقم؟، وهل تحققت الشروط وانتفت الموانع أو لم يحصل ذلك؟. 

ثم بعد ذلك يخصل لغط وخلاف وجدال وشقاق وتُهم وتخوين، ما كان يحصل هذا، إنما هذا يحصل حينما يتصدى ويترأس الجُهال فيحصل مثل هذا العراك، والاتهام والصراع والتفرق والشقاق والاختلاف والشر، ولذلك لا تجدون هذا التفرق بين أهل السنة والجماعة منذ عهد الصحابة إلى عصرنا هذا، لكن ما الذي حصل في عصرنا هذا؟ ما الذي حصل؟ الذي حصل أنه صار يتكلم من شاء بما شاء، ويتصدر من شاء، ووُجد من الوسائل ما يستطيع معه المغمور الجاهل أن يكتب ما يريد تحت اسم صريح أو اسم مستعار.

ويوجد من يتلقف مثل هذه الأمور، ويتشربها، والمقدمة توصل إلى هذا، يعني: نحن الآن الحال الطبيعية أن يقال: ارجعوا إلى أهل العلم، والله يقول: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:43]، فعندنا بإذن الله مُعتصَم: الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح، يُرجع في ذلك إلى العلماء الذين يفهمون ويفقهون النصوص، وليس كل أحد.

فهؤلاء العلماء الذين يُرجع إليهم في كل عصر، ما الذي حصل؟ عمد الشياطين والأشرار إلى تحطيمهم بمكر الليل والنهار، تحطيم هؤلاء العلماء، حتى تحول هؤلاء في نظرهم إلى خونة، وإلى لربما كفرة وضُلال لا يستحقون السماع منهم، فعندها يُسمع لمن؟

يُسمع للغراب الذي يقود للجيف، ومن رضي أن يكون الغراب دليلاً له فما ظنكم؟.

مشائيمُ ليسوا مصلحين عشيرةً  ولا ناعبٍ إلا بِبَيْنٍ غُرابُها

هذا الذي يحصل إذا أُسقط العلماء، وإسقاط هؤلاء العلماء قد يحصل بطريقة مقصودة وقد يحصل بطريقة غير مقصودة.

الطريقة المقصودة هي الهجوم على هؤلاء بالتضليل والتجهيل، ورميهم بالقبائح واتهامهم بالتهم التي هم بُرآء منها، وهذا كله تجده كثيراً في حسابات لم يُتقَ الله فيها، ولا أظن أن من كتب يراقب الله ويستحضر أن كتابته ستعرض عليه في يوم لا تخفى على الله فيه خافية.

النوع الثاني من إسقاطهم: يحصل بغير قصد وذلك بالتوارد، توارد ماذا؟

العالم هذا ما وفق بكلمة، ما وفق بعبارة، زل، كان له موقف، برر موقفاً لا يصح تبريره، فيؤخذ هذا المقطع المرئي أو المسموع ثم يُذاع ويُنشر، ويتلقفه الناس عبر هذه الوسائط والوسائل، تويتر، وفي الواتس آب، يُتناقل ويُنشر، وهذا يتندر، وهذا يضحك، وهذا يسخر، وهذا يشمئز، وهذا يقول: حسبنا الله ونعم الوكيل، وهذا يقول: إن لله وإنا إليه راجعون، وهذا يقول: هزُلت.  

وأنت حينما أرسلت هذا ماذا تريد؟، أنت أرسلت هذه، والثاني أرسل تلك، والثالث أرسل تلك، والرابع أرسل تلك، هل من شأن هذه الرسائل أنها تبني؟، أنها توجب توقير هؤلاء العلماء الذين رفعهم الله على غيرهم من أهل الإيمان وقرن شهادتهم بشهادته؟، كل أحد يُخطئ، وكل أحد يزل قديماً وحديثاً، ولو تتبعت زلات العلماء عبر القرون فإنك تجمع من ذلك مجلدات، لكن كما قيل: إن الماء إذا بلغ القُلتين لم يحمل الخبث، وإن الكبير من عُدت سقطاته وكثُر صوابه، فالعبرة بما غلب.

والكلام في هذه المسألة يطول، لكن هذا هو الطريق، وهؤلاء العلماء الذين نعرفهم علماء أهل السنة من جعل الله لهم القبول وجعل لهم قدم صدق، صوابهم كثير، وإن أخطأ الواحد منهم في مسألة أو مسألتين أو عشر مسائل أو مائة مسألة، كما قال ذلك جمع من أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن رجب، والحافظ الذهبي وغير هؤلاء كثير، فهذا هو الطريق، لا أن تُذاع هذه الأخطاء وتُنشر، فهذا إسقاط لهم لكن بغير قصد.  

فهذا الذي يرسل يقال له: ماذا تريد في النهاية؟، أنت أرسلت هذا السهم، والثاني أرسل هذا السهم، والثالث أرسل سهماً آخر في زلة أخرى وخطأ آخر، في النهاية قضيت عليه، صار عند الناس لا قيمة له، ولا شأن، ولا يقبلون منه، هل كنت تريد الوصول إلى هذه النتيجة؟.  

وهل يجوز إسقاطه بسبب هذه الزلة؟ لكننا نتصرف في كثير من الأحيان بلا وعي، فهذا ما يتعلق بهؤلاء العلماء الأعلام حينما يُكسرون ويُهشمون ويُسقطون في النهاية تقول للناس: ارجعوا، يقولون: نرجع إلى من؟

فالخوارج أسقطوا أصحاب النبي ﷺ وكفروهم فما بقي لهم مرجع يرجعون إليه، لم يكن معهم صحابي واحد، وكان الصحابة كثُرٌ في زمانهم، فكان الذي يقودهم هو الغراب الأبقع، والكلب العقور، هذا الذي حصل، حتى أودى بهم إلى هذه النهايات التعيسة، فهذا أمر لابد من التفطن إليه.

وأسأل الله أن ينفعنا وإياكم بما سمعنا، وأن يجعلنا وإياكم هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، وأن يعيذنا وإياكم من مضلات الفتن، وأن يهدي ضال المسلمين.

اللهم ارحم موتانا، واشفِ مرضانا، وعافِ مبتلانا، واجعل آخرتنا خيرًا من دنيانا، والله أعلم.

هذا، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه.

  1. أخرجه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب حديث الغار، برقم (3481)، ومسلم، كتاب التوبة، باب في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه، برقم (2756).
  2. الاستقامة (1/ 164-165).
  3. مجموع الفتاوى (3/ 230).
  4.  أخرجه البخاري، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة:23]، برقم (7434)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية، برقم (183).
  5. تاريخ بغداد (6/ 397).
  6.  أخرجه الترمذي، أبواب القدر عن رسول الله ﷺ، باب ما جاء أن القلوب بين أصبعي الرحمن، برقم (2140)، وابن ماجه، أبواب الدعاء، باب دعاء رسول الله ﷺ، برقم (3834)، وأحمد في المسند، برقم (12107)، وقال محققوه: "إسناده قوي على شرط مسلم"، وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم (4801)، وبرقم (7987).
  7. انظر: البداية والنهاية (10/ 334- 336).
  8. البداية والنهاية (10/ 336).
  9. المصدر السابق.

مواد ذات صلة