ينكر تعالى على المشركين الذين عبدوا مع الله غيره ظانين أن تلك الآلهة تنفعهم شفاعتها عند الله، فأخبر تعالى أنها لا تضر ولا تنفع ولا تملك شيئاً، ولا يقع شيء مما يزعمون فيها ولا يكون هذا أبداً، ولهذا قال تعالى: قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ، وقال ابن جرير: معناه أتخبرون الله بما لا يكون في السماوات ولا في الأرض، ثم نزه نفسه الكريمة عن شركهم وكفرهم فقال: سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ، ثم أخبر تعالى أن هذا الشرك حادث في الناس كائن بعد أن لم يكن، وأن الناس كلهم كانوا على دين واحد وهو الإسلام، قال ابن عباس - ا -: كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام، ثم وقع الاختلاف بين الناس، وعبدت الأصنام والأنداد والأوثان فبعث الله الرسل بآياته وبيناته وحججه البالغة وبراهينه الدامغة؛ ليَهلك من هلك عن بينة ويحيي من حيّ عن بينة.
قال ابن جرير - رحمه الله - في قوله - تبارك وتعالى -: قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ: إن معناها أتخبرون الله بما لا يكون في السماوات ولا في الأرض، كأن هذا من قبيل التفسير باللازم وليس من قبيل التفسير بالمطابق، بما لا يكون: يعني ظاهر الآية، أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ يعني بما لا يعلم وجوده ولا وقوعه، هذا المعنى هو التفسير بالمطابق، فابن جرير - رحمه الله - قال: أتخبرونه بما لا يكون في السماوات ولا في الأرض، فالذي لا يعلمه - - معنى ذلك أنه غير كائن، فمثل هذه القضية لا يمكن أن تحصل وأن تقع، هذا هو المعنى، ولا يحتاج إلى كثير من التكلفات التي يذكرها المتكلمون، ولسنا بحاجة إلى جدل ربما يثير في النفوس سؤالات وإشكالات، الناس في غنى عنها، ومعنى الآية ظاهر جداً ولله الحمد.