قوله: يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ يسيركم في البر على الدواب التي تحملكم من مكان إلى آخر، ويسيركم في البحر على الفلك التي هداكم لصنعها فتنقلكم وتنقل معكم الأثقال إلى أماكن بعيدة لم يكن لكم أن تبلغوها إلا بشق الأنفس.
وقوله: كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا ذكر الريح، قال: بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وجاء في عبارات بعض السلف أن الريح تكون للعذاب، وهذا باعتبار الأغلب، وقولهم: كل ريح في القرآن فهي عذاب، هذه على كل حال ليست كلية بمعنى الكلية المعروف، وإنما هي أغلبية، والرياح للرحمة وهي التي تأتي بالمطر، وما أشبه ذلك، وتأتي الريح وتكون لغير العذاب كما في قوله: بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ، وهذه الآية على هذه القراءة فيها التفات كما هو ظاهر حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ هذا للمخاطب، فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ هذا للغائب، التفت من المخاطب للغائب، وبعض المفسرين يذكر لهذا تعليلات لا تخلو من تكلف، ولكن يبقى الأصل والمعنى العام فيما يتعلق بالالتفات أنه أبلغ، وأن ذلك أدعى لنشاط السامع وتيقظه، ولفت انتباهه، - والله أعلم -.