الأحد 11 / ذو الحجة / 1446 - 08 / يونيو 2025
وَيَصْنَعُ ٱلْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِّن قَوْمِهِۦ سَخِرُوا۟ مِنْهُ ۚ قَالَ إِن تَسْخَرُوا۟ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"وقوله: وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ [سورة هود:38] أي: يهزءون به، ويكذبون بما يتوعدهم به من الغرق".

قوله: سَخِرُواْ مِنْهُ قال بعض أهل العلم أنهم كانوا يقولون له: كنت نبياً، وصرت نجاراً، وقال بعضهم أنهم سخروا منه لأنه كان يصنع السفينة بعيداً عن البحر، فقالوا له: ما الفائدة من صنع هذه السفينة في هذا المكان؟

وقال بعض العلماء: أنهم سخروا منه لكونهم أول مرة يشاهدون السفينة.

"قوله: إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ [سورة هود:38] الآية، وعيد شديد، وتهديد أكيد، مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ [سورة هود:39] أي: يهينه في الدنيا، وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ [سورة هود:39] أي: دائم مستمر أبداً".

قال: إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا، السخرية: بمعنى الاستهزاء، فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ يحتمل أن تكون السخرية في وقت نزول العذاب بهم، ويحتمل أن تكون في الآخرة، وهذا الذي اختاره ابن جرير - رحمه الله -، وكأنه اعتبر قوله - تبارك وتعالى - في الآية التي بعدها: فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ [سورة هود:39].

والعذاب المقيم هو الدائم المستمر وهو عذاب الآخرة، ولا شك أن أهل الإيمان يسخرون من الكافرين في الآخرة كما قال الله : فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ [سورة المطففين:34].