الإثنين 26 / ذو الحجة / 1446 - 23 / يونيو 2025
قَالُوا۟ يَٰشُعَيْبُ أَصَلَوٰتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ ءَابَآؤُنَآ أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِىٓ أَمْوَٰلِنَا مَا نَشَٰٓؤُا۟ ۖ إِنَّكَ لَأَنتَ ٱلْحَلِيمُ ٱلرَّشِيدُ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"قوله: قَالُواْ يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ [سورة هود:87] يقولون له على سبيل التهكم - قبحهم الله -: أَصَلاَتُكَ قال الأعمش: أي: قراءتك، تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أي: الأوثان، والأصنام".

قوله: أَصَلاَتُكَ، وفي القراءة الأخرى المتواترة: أَصَلَوَاتُكَ، والقراءتان بمعنىً واحد، فالصلوات جمع، والصلاة مفرد لكنها أضيفت إلى معرفة وكاف الخطاب، وهذا بمعنى الجمع، وفسر بعض السلف قوله: أَصَلاَتُكَ أي: قراءتك، وقال بعضهم: أي: دينك.

"أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء [سورة هود:87] فنترك التطفيف على قولك، وهي أموالنا نفعل فيها ما نريد".

"أو" حرف عطف بمعنى الواو، والمعنى: وتأمرك أن نفعل في أموالنا ما نشاء من الأخذ، والتصرف، والعطاء، والتطفيف، والبخس، فليس لأحد سلطان علينا في ذلك.

"قال الحسن في قوله: أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا "إي والله، إن صلاته لتأمرهم أن يتركوا ما كان يعبد آباؤهم".

وقال الثوري في قوله: أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء: "يعنون الزكاة"".

قد يؤخذ من هذه الآية أن الزكاة واجبة على الأمم السابقة، ويدل على ذلك قول الله - تبارك وتعالى -: وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا [سورة مريم:55].

"إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ قال ابن عباس - ا -، وميمون بن مهران، وابن جريج، وابن أسلم، وابن جرير: "يقولون ذلك أعداء الله على سبيل الاستهزاء - قبحهم الله، ولعنهم عن رحمته؛ وقد فعل -".

قوله: إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ يقول الكفار ذلك على سبيل الاستهزاء، وقال بعضهم: خاطبوه بذلك باعتبار نظره، واعتقاده، ومنه قول الله - تبارك وتعالى -: يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ، وقال بعضهم: إنهم كانوا يعتقدون حقيقة أنه حليم، ورشيد، والأقرب - والله أعلم - أنهم قالوا له ذلك على سبيل الاستهزاء، والسخرية.