في قوله - تبارك وتعالى -: يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي [سورة هود:88] جواب الشرط محذوف، ويمكن أن يقدر بـ "أتقولون فيّ ما تقولون؟ أو أأترك دعوتكم، وأمركم، ونهيكم؟" ومثل هذا يفهم من السياق، والعرب تحذف من الكلام ما يمكن الاستغناء عنه ثقة بفهم المخاطب.
النبوة، والعلم، والرزق الحلال كلها من الرزق الحسن، واختار ابن جرير - رحمه الله - أن الرزق الحسن هو الرزق الحلال.
"وقال الثوري: وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ أي: "لا أنهاكم عن الشيء وأخالف أنا في السر، فأفعله خفية عنكم".
كما قال قتادة في قوله: وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ يقول: "لم أكن أنهاكم عن أمر وأرتكبه".
هذه الآية كقوله - تبارك وتعالى -: أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ [سورة البقرة:44]، وقد قال النبي ﷺ: يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار، فتندلق أقتاب بطنه، فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى، فيجتمع إليه أهل النار، فيقولون: يا فلان ما لك؟ ألم تكن تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر ؟ فيقول: بلى قد كنت آمر بالمعروف ولا آتيه، وأنهى عن المنكر وآتيه[1]
لا تنهَ عن خلقٍ وتأتيَ مثلَه | عارٌ عليك إذا فعلتَ عظيمُ |
ابدأ بنفسك فانهها عن غيِّها | فإذا انتهتْ عنه فأنت حكيمُ |
إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ أي: في ما آمركم، وأنهاكم؛ إنما أريد إصلاحكم جهدي، وطاقتي.
وَمَا تَوْفِيقِي أي: في إصابة الحق فيما أريده إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ في جميع أموري، وَإِلَيْهِ أُنِيبُ أي: أرجع، قاله مجاهد وغيره.
- رواه مسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب عقوبة من يأمر بالمعروف ولا يفعله وينهى عن المنكر ويفعله (4 /2290) (2989).