الأربعاء 21 / ذو الحجة / 1446 - 18 / يونيو 2025
وَقَالَ ٱلَّذِى ٱشْتَرَىٰهُ مِن مِّصْرَ لِٱمْرَأَتِهِۦٓ أَكْرِمِى مَثْوَىٰهُ عَسَىٰٓ أَن يَنفَعَنَآ أَوْ نَتَّخِذَهُۥ وَلَدًا ۚ وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِى ٱلْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُۥ مِن تَأْوِيلِ ٱلْأَحَادِيثِ ۚ وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰٓ أَمْرِهِۦ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ۝ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ [سورة يوسف:21-22].

يخبر تعالى بألطافه بيوسف أنه قيض له الذي اشتراه من مصر حتى اعتنى به، وأكرمه، وأوصى أهله به، وتوسم فيه الخير والصلاح، فقال لامرأته: أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا.

معنى أَكْرِمِي مَثْوَاهُ أي: أكرمي منزله بالطعام الطيب، واللباس الحسن، وهيئي له ما يحتاج إليه من أطايب اللباس، والطعام.

"وكان الذي اشتراه من مصر عزيزها وهو الوزير بها، وقال أبو إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود أنه قال: "أفرس الناس ثلاثة: عزيز مصر حين قال لامرأته: أَكْرِمِي مَثْوَاهُ، والمرأة التي قالت لأبيها يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ [سورة القصص:26] الآية، وأبو بكر الصديق حين استخلف عمر بن الخطاب - ا -.

يقول تعالى: كما أنقذنا يوسف من إخوته وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يعني بلاد مصر، وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ قال مجاهد والسدي: "هو تعبير الرؤيا".

تأويل الأحاديث هو تعبير الرؤى، وذكر بعض السلف أن الأحاديث هي الكتب التي أنزلها الله - تبارك وتعالى - على أنبيائه - عليهم الصلاة والسلام -، ولذلك سمى الله القرآن حديثاً، قال تعالى: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا [سورة الزمر:23]، ولكن السياق يدل على أن المقصود بتأويل الأحاديث هو تفسير الرؤى، وقد قال الله في آخر هذه السورة: هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ [سورة يوسف:100].

"وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ أي إذا أراد شيئاً فلا يرد، ولا يمانع، ولا يخالف، بل هو الغالب لما سواه، قال سعيد بن جبير في قوله: وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ: أي فعَّالٌ لما يشاء، وقوله: وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ يقول: لا يدرون حكمته في خلقه، وتلطفه، وفعله لما يرد".