السبت 19 / ذو القعدة / 1446 - 17 / مايو 2025
ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّنۢ بَعْدِ مَا رَأَوُا۟ ٱلْءَايَٰتِ لَيَسْجُنُنَّهُۥ حَتَّىٰ حِينٍ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

قال المفسر - رحمه الله - في تفسير قوله تعالى: ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ [سورة يوسف:35].

يقول تعالى: ثم ظهر لهم من المصلحة فيما رأوه أنهم يسجنونه إلى حين أي إلى مدة؛ وذلك بعد ما عرفوا براءته، وظهرت الآيات وهي الأدلة على صدقه في عفته ونزاهته، وكأنهم ـ والله أعلم ـ إنما سجنوه لما شاع الحديث إيهاماً أنه راودها عن نفسها، وأنهم سجنوه على ذلك؛ ولهذا لما طلبه الملك الكبير في آخر المدة امتنع من الخروج حتى تتبيّن براءته مما نسب إليه من الخيانة، فلما تقرر ذلك خرج وهو نقي العرض - صلوات الله عليه وسلامه -".

فقوله - تبارك وتعالى -: ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ: ما ذكره الحافظ - رحمه الله - من أن هذه الآيات هي الدالة على براءته هو الأرجح من أقوال المفسرين، وينبغي أن لا يدخل مع هذه الآيات تقطيع النسوة لأيديهن، فإن هذا لا تعلق له بهذا الموضع - والله تعالى أعلم -، فتقطيع النسوة لأيديهن يمكن أن يتعلق بقول آخر في تفسير الآيات كقول من قال: إن المراد رأوا الآيات الدالة على كماله وأوصافه العظيمة التي كانت مبهرة؛ فكان ذلك سبباً لمراودة امرأة العزيز له، ولما رآه النساء قطعن أيديهن، فهؤلاء يقولون: إنهم سجنوه من أجل الحيلولة بينه وبين امرأة العزيز التي فتنت، وفعلت كل شيء بمستطاعها من أجل أن تصل إليه، وتوعدته إن لم يفعل، وعلى هذا القول يمكن أن يدخل ما حصل من هؤلاء النسوة في المراد بهذه الآيات، ولكنه قول مرجوح، وأما على القول الراجح من أن الآيات يعني الدالة على صدقه مثل شق القميص، وقول امرأة العزيز: فَاسَتَعْصَمَ [سورة يوسف:32] يدل على أنه كان بريئاً لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ إلى زمن من أجل أن تهدأ القالة، ويُنسى خبره، ويترك الناس الانشغال بما جرى بينه وبين امرأة العزيز - والله تعالى أعلم -.