"وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ [سورة يوسف:50-53]
يقول تعالى إخباراً عن الملك لما رجعوا إليه - بتعبير رؤياه التي كان رآها - بما أعجبه، وأيقنه، فعرف فضل يوسف ، وعلْمه، وحسن اطلاعه على رؤياه، وحسن أخلاقه على من ببلده من رعاياه فقال: ائْتُونِي بِهِ أي: أخرجوه من السجن، وأحضروه، فلما جاءه الرسول بذلك امتنع من الخروج حتى يتحقق الملك ورعيته براءة ساحته، ونزاهة عرضه مما نسب إليه من جهة امرأة العزيز، وأن هذا السجن لم يكن على أمر يقتضيه بل كان ظلماً، وعدواناً فقال: ارْجِعْ إِلَىَ رَبّكَ الآية".
قوله: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ أي: ارجع إلى سيدك، والمقصود بالرب الملِك وليس العزيز، وقوله: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ فلم يقل: فاسأله عن امرأة العزيز، ولم يذكر المراودة، وهذا لربما - والله تعالى أعلم - من أجل أن لا يصرح بذكر هؤلاء فيكون ذلك مستثقلاً في الأسماع، أو أن التعبير عنه بمثل هذه العبارة ألطف من ذكر المراودة، أو ذكر امرأة العزيز الذي هو وزيره، ولربما يحرك ذلك نفس العزيز فينتصر لنفسه، فقد سأل عن ألطف ما في هذه القضية التي وقعت له وهو تقطيع النسوة لأيديهن.
قوله: إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ الرب هو الله لا يصح أن يفسر بالعزيز، وقال بعض أهل التفسير: إن الرب هو العزيز.
- رواه البخاري، كتاب الأنبياء، باب قول الله : وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِ بْراَهِيمَ (3 / 1233)، برقم (3192)، ومسلم، كتاب الفضائل، باب من فضائل إبراهيم الخليل ﷺ (4 / 1839)، برقم (151).
- رواه أحمد (14 / 228)، برقم (8554).