السبت 09 / محرّم / 1447 - 05 / يوليو 2025
قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَٰهِلُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

قال المفسر - رحمه الله - في تفسير قوله تعالى: قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ ۝ قَالُواْ أَئِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ۝ قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ ۝ قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [سورة يوسف:89-92].

يقول تعالى مخبراً عن يوسف أنه لما ذكر له إخوته ما أصابهم من الجهد، والضيق، وقلة الطعام، وعموم الجدب، وتذكر أباه وما هو فيه من الحزن لفقد ولديه؛ مع ما هو فيه من الملك، والتصرف، والسعة؛ فعند ذلك أخذته رقة، ورأفة، ورحمة، وشفقة على أبيه، وإخوته، وبدره البكاء فتعرف إليهم، وقال: هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ يعني كيف فرقوا بينه وبين أخيه إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ أي: إنما حملكم على هذا الجهل بمقدار هذا الذي ارتكبتموه".

فقوله - تبارك وتعالى - عن يوسف ﷺ: هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ هذا الاستفهام فيه معنى التقرير، وفيه معنى الإنكار، وهذه الآية تدل على أنه حصل لأخي يوسف شيئاً من أذيتهم، وتضييقهم، ومن ذلك تفريقهم بينه وبين يوسف، وقال بعض أهل العلم: أي: ما كان يناله بنيامين من الاحتقار، والأذى، والمعاملة التي فيها شيء من الشدة، والقسوة.

ولم يذكر يوسف - عليه الصلاة والسلام - ما فعلوه بأبيهم تعظيماً، وإجلالاً لمقام أبيه، ويحتمل أنه لم يذكره لأن ما حصل ليعقوب لم يكن مقصوداً، وقد أراد إخوة يوسف أن يستأثروا بأبيهم.

قوله: إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُون أي: إنما حملكم على هذا الفعل هو الجهل بمقدار هذا الذي ارتكبتموه، ويحتمل أنه قصد بذلك الاعتذار لهم يعني: أنكم فعلتم ذلك في حال جهلكم، ويحتمل أن يكون المعنى: أي لم تعملوا بمقتضى العلم، فإن العلم يقتضي العمل، والخشية من الله .

وقال بعض أهل العلم: إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُون أي: بما يصير إليه فعلكم هذا، وما يكون من العواقب التي يئول إليها أمركم وأمر يوسف - عليه الصلاة والسلام -، وهو ما يشاهدونه مما حصل ليوسف - عليه الصلاة والسلام - من الرفعة، والمكانة، وهم يأتون إليه في حالٍ من الضعف، والتذلل، وهذا هو اختيار ابن جرير - رحمه الله -.

"والظاهر - والله أعلم - أن يوسف إنما تعرف إليهم بنفسه - بإذن الله تعالى - له في ذلك، كما أنه إنما أخفى منهم نفسه في المرتين الأُولييْن بأمر الله - تعالى - له في ذلك - والله أعلم -".