الإثنين 29 / شوّال / 1446 - 28 / أبريل 2025
فَلَمَّا دَخَلُوا۟ عَلَىٰ يُوسُفَ ءَاوَىٰٓ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ٱدْخُلُوا۟ مِصْرَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ ءَامِنِينَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ ۝ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاء بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ [سورة يوسف:99-100].

يخبر تعالى عن ورود يعقوب على يوسف ، وقدومه بلاد مصر لمَّا كان يوسف قد تقدم لإخوته أن يأتوه بأهلهم أجمعين؛ فتحملوا عن آخرهم، وترحلوا من بلاد كنعان قاصدين بلاد مصر، فلما أُخبر يوسف باقترابهم خرج لتلقيهم، وأمر الملِك أمراءه وأكابر الناس بالخروج مع يوسف لتلقي نبي الله يعقوب ، ويقال: إن الملك خرج أيضاً لتلقيه، وهو الأشبه.

وقوله: وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ [سورة يوسف:99]، أي: قال لهم بعدما دخلوا عليه، وآواهم إليه: ادْخُلُواْ مِصْرَ، وضمَّنه اسكنوا مصر - إن شاء الله - آمنين، أي: مما كنتم فيه من الجهد، والقحط".

ذكر كثير من علماء التفسير أن يوسف خرج لتلقيهم فقال لهم: ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ، وقال بعضهم: إنه نصب خيمةً، أو مكاناً، أو سرادقاً، وجلس فيه ينتظرهم، فدخلوا عليه، فآوى إليه أبويه، ثم بعد ذلك قال لهم: ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ، ثم بعد ذلك حصل السجود حينما كان في مجلسه مستقراً على سرير ملكه.

وقوله: آمِنِينَ أي: مما كنتم فيه من الجهد، والقحط، وقيل: كانوا لا يدخلون مصر إلا بشيء من الخوف، والحذر؛ لأنهم ليسوا من أهلها فقال لهم: ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ من غير تخوف.

"وقوله: آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ قال السدي وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم: إنما كان أباه وخالته، وكانت أمه قد ماتت قديماً".

قالوا: إن أمه ماتت في نفاس بنيامين، وهذا الكلام لا دليل عليه، وهو خلاف ظاهر القرآن، بل بعضهم تكلف غاية التكلف وقال: "لعل الله أحيا أمه فسجدت"، وهذا أيضاً لا دليل عليه.

"وقال محمد بن إسحاق، وابن جرير: "كان أبوه وأمه يعيشان"، قال ابن جرير: "ولم يقم دليل على موت أمه، وظاهر القرآن يدل على حياتها"، وهذا الذي نصره هو المتصور الذي يدل عليه السياق".