السبت 22 / جمادى الآخرة / 1447 - 13 / ديسمبر 2025
وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِۦ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ۖ فَيُضِلُّ ٱللَّهُ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِى مَن يَشَآءُ ۚ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

قوله – تبارك وتعالى -: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [سورة إبراهيم:4].

هذا من لطفه تعالى بخلقه أنه يرسل إليهم رسلاً منهم بلغاتهم؛ ليفهموا عنهم ما يريدون، وما أرسلوا به إليهم، وقوله: فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء [سورة إبراهيم:4] أي: بعد البيان وإقامة الحجة عليهم، يضل الله من يشاء عن وجه الهدى، ويهدي من يشاء إلى الحق، وَهُوَ الْعَزِيزُ الذي ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، الْحَكِيمُ في أفعاله، فيضل من يستحق الإضلال ويهدي من هو أهل لذلك، وقد كانت هذه سنته في خلقه أنه ما بعث نبياً في أمة إلا أن يكون بلغتهم، فاختص كل نبي بإبلاغ رسالته إلى أمته دون غيرهم، واختص محمد بن عبد الله رسول الله ﷺ بعموم الرسالة إلى سائر الناس، كما ثبت في الصحيحين عن جابر قال: قال رسول الله ﷺ: أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة[1]. وقال تعالى: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا [سورة الأعراف:158].

قوله: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ هذه الآية تتحدث عن الأنبياء السابقين، فكل نبي بعث بلغة قومه، وليست هذه الآية تتحدث عن النبي ﷺ فإنه قد بعث إلى الناس عامة على مختلف لغاتهم.

ومن أهل العلم من يقول: إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ والنبي ﷺ من العرب، وجاء إليهم وامتن الله عليهم بهذا: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ [سورة الجمعة:2]، فكانت أول دعوته ﷺ في العرب .

  1. رواه البخاري، كتاب التيمم (1 / 128)، برقم (328)، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة (1 / 370)، برقم (521).