الاتباع لإبراهيم ﷺ: بعضهم يقول: في أصل الدين، يعني في التوحيد، والله لما ذكر الأنبياء الذين جاءوا بعده مِن عقبه، فهو أبو الأنبياء ، لما ذكرهم قال: أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ [سورة الأنعام:90]، فالاقتداء بالنسبة لشرائعهم، فالله قال: لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا [سورة المائدة:48]، فالشرائع مختلفة، وأصل الدين واحد، فمن أهل العلم من قال: المقصود اتباع إبراهيم في التوحيد، وأصل الدين، ومن قالوا: هو الاقتداء به في كل شيء أخذوا من هذا، قالوا: إن النبي ﷺ بعث بالحنيفية، وقالوا أيضاً: إن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم ينسخ، فما لم ينسخ فنحن مأمورون بالاقتداء به فيه، وبعضهم خص ذلك بالمناسك، وهذا تضييق للمعنى؛ فملة إبراهيم أوسع من هذا، ولكن في قوله تعالى: وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [سورة البقرة:125] من فسره بغير المقام المعروف قال: مقام إبراهيم مفرد مضاف، يعني مقامات إبراهيم، وذلك باتباعه في المناسك، في منى وعرفة ومزدلفة وما أشبه ذلك، والمقصود بالمصلَّى يعني المتعبَّد، وبعضهم كابن جرير يقول: الاتباع لإبراهيم ﷺ: ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا في التبري من المشركين ومن معبوداتهم، والتدين بدين الإسلام، وعلى كلٍّ النبي ﷺ مأمور باتباع ملة إبراهيم ﷺ، والنبي ﷺ بعث بشريعة شاملة كاملة هي أوسع ما شُرِّع وأنزل على الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام -، وإبراهيم إمام الحنفاء فيُتّبع في دعوته إلى التوحيد والبراءة من المشركين، ومن معبوداتهم.