الأحد 22 / صفر / 1447 - 17 / أغسطس 2025
تَٱللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰٓ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَٰنُ أَعْمَٰلَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ ٱلْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

تَاللّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىَ أُمَمٍ مّن قَبْلِكَ فَزَيّنَ لَهُمُ الشّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ۝ وَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاّ لِتُبَيّنَ لَهُمُ الّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ۝ وَاللّهُ أَنْزَلَ مِنَ الْسّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنّ فِي ذَلِكَ لآية لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ [سورة النحل: 63-65].

يذكر تعالى أنه أرسل إلى الأمم الخالية رسلاً، فكذبت الرسل، فلك يا محمد في إخوانك من المرسلين أسوة فلا يهيدنّك تكذيب قومك لك، وأما المشركون الذين كذبوا الرسل فإنما حملهم على ذلك تزيين الشيطان لهم ما فعلوه، فَهُوَ وَلِيّهُمُ الْيَوْمَ أي: هم تحت العقوبة والنكال، والشيطان وليهم ولا يملك لهم خلاصاً ولا صريخ لهم، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ.

وهذا المعنى الذي ذكره الحافظ - رحمه الله - أن قوله: فَهُوَ وَلِيّهُمُ الْيَوْمَ "أي: في الآخرة يوم القيامة"، هو الذي اختاره ابن جرير - رحمه الله -، والآية تحتمل غير هذا، ويمكن أن يكون المراد بذلك الدنيا عامة، ويمكن أن يراد به وقت التزيين في الدنيا، ويمكن أن يكون المراد به بعضاً من الدنيا، أي حينما نزلت هذه الآية فَهُوَ وَلِيّهُمُ الْيَوْمَ، وحمْل الآية على أن المراد بذلك الآخرة لعله هو الأقرب - والله أعلم -.

والولي: هو الناصر، ومعلوم أن هؤلاء لا ناصر لهم، والله  يقول: وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ [سورة الأنبياء:39]، فإذا كان الشيطان هو وليهم فمعنى ذلك أنه لا ولي لهم، فالشيطان لا يستطيع أن ينصرهم ولا أن يمنعهم، بل يقول: إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ[سورة إبراهيم:22]: يعني بمنقذكم، فالشيطان يتبرأ منهم، ولا يستطيع أن ينصرهم، وكما قال الله فيما وقع في يوم بدر: وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ [سورة الأنفال:48]، فهو لا ينصرهم ولا يخلصهم.