الجمعة 09 / ذو الحجة / 1446 - 06 / يونيو 2025
أَفَأَصْفَىٰكُمْ رَبُّكُم بِٱلْبَنِينَ وَٱتَّخَذَ مِنَ ٱلْمَلَٰٓئِكَةِ إِنَٰثًا ۚ إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

قال المصنف - رحمه الله تعالى - في تفسير قوله تعالى:أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلآئِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيمًا[سورة الإسراء:40].

يقول تعالى راداً على المشركين الكاذبين الزاعمين - عليهم لعائن الله - أن الملائكة بنات الله، فجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً، ثم ادعوا أنهم بنات الله، ثم عبدوهم فأخطئوا في كل من المقامات الثلاث خطأ عظيماً، فقال تعالى منكراً عليهم: أَفَأَصْفَاكُمْ رَبّكُم بِالْبَنِينَ أي: خصصكم بالذكور وَاتّخَذَ مِنَ الْمَلآئِكَةِ إِنَاثاً أي: واختار لنفسه على زعمكم البنات، ثم شدد الإنكار عليهم فقال: إنكم لتقولون قولاً عظيماً أي: في زعمكم أن لله ولداً، ثم جعْلِكم ولده الإناث التي تأنفون أن يكنّ لكم، وربما قتلتموهن بالوأد، فتلك إذاً قسمة ضيزى، وقال تعالى: وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً ۝ لقد جئتم شيئاً إدّاً ۝ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً ۝ أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً ۝ وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً ۝ إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً ۝ لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً ۝ وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً [سورة مريم:88-95].

فيقول الله - تبارك وتعالى -: أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلآئِكَةِ إِنَاثًا، الهمزة للاستفهام الإنكاري، والمقصود أن الله تعالى ينكر عليهم زعمهم وافتراءهم بأنه - تبارك وتعالى - أعطاهم، أو أن الملائكة بنات الله، أَفَأَصْفَاكُمْ أي: خصكم بِالْبَنِينَ، ومعلوم أن الملوك إنما يصطفون لأنفسهم أفضل ما يوجد دون الأضعف والأقل، فإذا كنتم تحتقرون البنات وتئدونهن، كما يقول الله عنكم: وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ۝ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ [سورة النحل:58-59]، فكيف تنسبون ذلك لله   وهو مالك الملك، كيف خصكم بالأبناء الذين هم أشرف وأعظم، واتخذ الأضعف والأقل؟ هذا لا يكون، فهذا يدل على سوء نظرهم وضعف عقولهم.