الإثنين 29 / شوّال / 1446 - 28 / أبريل 2025
أَمْ أَمِنتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَىٰ فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِّنَ ٱلرِّيحِ فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ۙ ثُمَّ لَا تَجِدُوا۟ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِۦ تَبِيعًا

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

أَمْ أَمِنتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفا مِّنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا [سورة الإسراء:69].

يقول - تبارك وتعالى -: أَمْ أَمِنتُمْ أيها المعرضون عنا -بعدما اعترفوا بتوحيدنا في البحر، وخرجوا إلى البر - أَن يُعِيدَكُمْ في البحر مرة ثانية فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفا مِّنَ الرِّيحِ: أي يقصف الصواري ويغرق المراكب، قال ابن عباس - ا - وغيره: القاصف ريح البحار التي تكسر المراكب وتغرقها. وقوله: فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ: أي بسبب كفركم وإعراضكم عن الله تعالى وقوله: ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا قال ابن عباس - ا -: نصيراً، وقال مجاهد: نصيراً ثائراً، أي: يأخذ بثأركم بعدكم. وقال قتادة: ولا نخاف أحداً يتبعنا بشيء من ذلك.

هذه الأقوال التي ذكرها ترجع إلى شيء واحد، الله يقول: ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا، يعني لا تجدوا تابعاً يتبعنا بما فعلنا بكم، بمعنى أنه يطلب الثأر والاقتصاص والانتقام لكم بسبب إهلاكنا إياكم، فالعرب تقول لكل طالب دم يتبع غيره فيه، تقول له: "تَبِيعٌ"، بمعنى تابع، فالله يقول: ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا، لا تجدون طالباً يطلبنا أو تابعاً يتبعنا؛ يطلب بثأركم والانتقام لكم، وهذا معنى ما ذكره بعض السلف من أنه النصير، أو الذي يطلب حقكم أو يأخذ بثأركم، أو نحو ذلك، كما قال الله : فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا ۝ وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا [سورة الشمس:14-15]، الإنسان قد يبطش وقد ينتقم، لكنه يبقى متوجساً مترقباً خائفاً من ردود الأفعال ومن الانتقام، أما الله فإنه يهلك ويدمر من شاء أن يهلكه، ولا يخاف تابعاً يتبعه أو طالباً يطلب الثأر.