السبت 05 / ذو القعدة / 1446 - 03 / مايو 2025
فَأَتْبَعَ سَبَبًا

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

قوله: فَأَتْبَعَ سَبَبًا ۝ حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا ۝ قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا ۝ وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا [سورة الكهف:85-88].

قال ابن عباس: فَأَتْبَعَ سَبَبًا يعني: بالسبب المنزل، وقال مجاهد: فَأَتْبَعَ سَبَبًا: منزلا وطريقًا ما بين المشرق والمغرب.

وفي رواية عن مجاهد: سَبَبًا قال: طريقاً في الأرض.

وقال قتادة: أي أتبع منازل الأرض ومعالمها.

أصل السبب هو الحبل، فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاء ثُمَّ لِيَقْطَعْ [سورة الحج:15]، فالسبب هو الحبل، واستعير ذلك وصار يقال لكل ما يتوصل به إلى غيره، فالحبل يتوصل به مثلاً إلى الماء في البئر، وقيل ذلك لما يتوصل به إلى غيره، لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ [سورة غافر:36]، ثم فسرها أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى [سورة غافر:37]، أسباب السماوات يعني الطرق الموصلة إليها، فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى، فأوتي من كل شيء سبباً أي: يتوصل به إلى مطلوبه، ويدخل في هذا إذا كان يريد أن يغزو قوماً يعرف أحسن الطرق الموصلة إلى ذلك، ولا يحتاج أن يسأل، وعنده من القُدَر والإمكانات والسلاح والأعوان ما يستطيع أن يتوصل به إلى المطلوب، ولا يحتاج إلى الاستعانة بآخرين من أجل تحقيق هذا المطلب، وهكذا في كل شأن يريده، أوتي من كل شيء سبباً، فعنده الأموال والجيوش والسلاح وحسن التدبير والإدارة، إلى غير ذلك مما يحصل به الغلبة والظهور، فتقول: هؤلاء أعطاهم الله من أسباب القوة والتمكين، فالله - تبارك وتعالى - أعطاه من كل شيء سبباً، فأتبع سبباً.