"فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا [سورة مريم:49-50]، يقول تعالى: فلما اعتزل الخليل أباه وقومه في الله؛ أبدله الله من هو خير منهم، ووهب له إسحاق، ويعقوب يعني ابنه وابن إسحاق، كما قال في الآية الأخرى: وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً [سورة الأنبياء:72]، وقال: وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ [سورة هود:71]، ولا خلاف أن إسحاق والد يعقوب، وهو نص القرآن في سورة البقرة: أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ [سورة البقرة:133]، ولهذا إنما ذكر هاهنا إسحاق، ويعقوب؛ أي جعلنا له نسلاً وعقباً أنبياء أقر الله بهم عينه في حياته، ولهذا قال: وَكُلاّ جَعَلْنَا نَبِيّاً، فلو لم يكن يعقوب قد نبىء في حياة إبراهيم لما اقتصر عليه، ولذكر ولده يوسف، فإنه نبي أيضاً كما قال رسول الله ﷺ في الحديث المتفق على صحته حين سُئل عن خير الناس فقال: يوسف نبي الله ابن يعقوب نبي الله ابن إسحاق نبي الله ابن إبراهيم خليل الله، وفي اللفظ الآخر: إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم".
قوله - تبارك وتعالى -: فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ يقول الحافظ ابن كثير - رحمه الله -: "فلما اعتزل الخليل أباه، وقومه في الله؛ أبدله الله منه خير منهم" إلى آخره، وذلك أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.