السبت 19 / ذو القعدة / 1446 - 17 / مايو 2025
فَلَمَّا ٱعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَهَبْنَا لَهُۥٓ إِسْحَٰقَ وَيَعْقُوبَ ۖ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا ۝ وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا [سورة مريم:49-50]، يقول تعالى: فلما اعتزل الخليل أباه وقومه في الله؛ أبدله الله من هو خير منهم، ووهب له إسحاق، ويعقوب يعني ابنه وابن إسحاق، كما قال في الآية الأخرى: وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً [سورة الأنبياء:72]، وقال: وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ [سورة هود:71]، ولا خلاف أن إسحاق والد يعقوب، وهو نص القرآن في سورة البقرة: أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ [سورة البقرة:133]، ولهذا إنما ذكر هاهنا إسحاق، ويعقوب؛ أي جعلنا له نسلاً وعقباً أنبياء أقر الله بهم عينه في حياته، ولهذا قال: وَكُلاّ جَعَلْنَا نَبِيّاً، فلو لم يكن يعقوب قد نبىء في حياة إبراهيم لما اقتصر عليه، ولذكر ولده يوسف، فإنه نبي أيضاً كما قال رسول الله ﷺ في الحديث المتفق على صحته حين سُئل عن خير الناس فقال: يوسف نبي الله ابن يعقوب نبي الله ابن إسحاق نبي الله ابن إبراهيم خليل الله[1]، وفي اللفظ الآخر: إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم[2]".

قوله - تبارك وتعالى -: فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ يقول الحافظ ابن كثير - رحمه الله -: "فلما اعتزل الخليل أباه، وقومه في الله؛ أبدله الله منه خير منهم" إلى آخره، وذلك أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.

  1. رواه البخاري، كتاب الأنبياء، باب أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إلى قوله وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [سورة البقرة:133]، برقم (3194)، من حديث أبي هريرة .
  2. رواه البخاري، كتاب الأنبياء، باب أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ [سورة البقرة:133]، برقم (3202)، من حديث عمر بن الخطاب .