الخميس 17 / ذو القعدة / 1446 - 15 / مايو 2025
وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُۥ بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱلزَّكَوٰةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِۦ مَرْضِيًّا

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"وقوله: وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً هذا أيضاً من الثناء الجميل، والصفة الحميدة، والخلة السديدة، حيث كان مثابراً على طاعة ربه ، آمراً بها لأهله كما قال تعالى لرسوله: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا [سورة طه:132] الآية، وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [سورة التحريم:6] أي: مروهم بالمعروف، وانهوهم عن المنكر، ولا تدعوهم هملاً فتأكلهم النار يوم القيامة، وقد جاء في الحديث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى، وأيقظ امرأته، فإن أبت نضح في وجهها الماء، رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت، وأيقظت زوجها، فإن أبى نضحت في وجهه الماء أخرجه أبو داود[1] وابن ماجه[2]".

قوله - تبارك وتعالى -: وكان يأمر أهله بالصلاة: مثل هذا التركيب: الفعل المضارع المسبوق بفعل الكون الماضي: كان يأمر، كان يفعل؛ يدل على المداومة، والتكرار، والملازمة للشيء، فكان يفعل ذلك بصورة مستمرة يفعله حيناً بعد حين، وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ [سورة الجن:6]، هذا من عادتهم وديدنهم وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا [سورة الجن:4]، وما شابه ذلك.

وأما قوله: وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ يحتمل أن يكون المراد بالزكاة زكاةَ المال، وأن هذه الأمور كانت مشروعة عندهم، وإن اختلفت تفاصيلها في هذه الشريعة، والقرينة الدالة على ذلك هو الاقتران مع الصلاة، فإن الغالب في القرآن هو اقتران الصلاة مع الزكاة إذا كانت متعلقة بالمال، ويحتمل أن يكون المراد بذلك تزكية النفس، والتطهير لها من أدران الشرك، والمعاصي - والله تعالى أعلم -.

  1. رواه أبو داود، أبواب الإمامة، باب قيام الليل، برقم: (1308) وصححه الألباني، انظر صحيح الجامع برقم (3494).
  2. رواه ابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن أيقظ أهله من الليل، برقم: (1336).