ويمكن أن يقال - والله تعالى أعلم -: إن الله حرم مكة فهو - تبارك، وتعالى - مصدر الأحكام، وهو الذي يحكم، وهو الذي يحلل، ويشرع، والرسل إنما يبلغون عن الله ، فإبراهيم ﷺ دعا ربه لمكة، واستجاب الله دعاءه، فكان ما كان مما قضاه الله - تبارك، وتعالى - تجاه بيته المعظم، ومن ذلك أنه جعله حرماً آمناً تهفو إليه الأفئدة، ورزق أهله من الثمرات ممن آمن بالله، واليوم الآخر، ومن لم يؤمن، - والله تعالى أعلم - فهذان، وجهان في الجمع بين هذه النصوص، وكلها يحتمل، ويمكن أن يقال: إنه لا منافاة بينها أصلاً، والأمر في ذلك قريب، - والله أعلم -.
قوله: ولا يقطع عضاهها: الشجر الذي له شوك يقال له: عضاه، والكلام في حرم المدينة ليس هذا محله، والمقصود أن الله حرم مكة، وإبراهيم ﷺ حرم مكة، وإبراهيم مبلغ عن الله .
وقد وردت أحاديث أخَرُ تدل على أن الله تعالى حرم مكة قبل خلق السماوات، والأرض، كما جاء في الصحيحين عن عبد الله بن عباس - ا - قال: قال رسول الله ﷺ يوم فتح مكة: إن هذا البلد حَرَّمه الله يوم خلق السماوات، والأرض فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، وإنه لم يحِل القتال فيه لأحد قبلي، ولم يحل لي إلا ساعة من نهار، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لا يُعْضَد شوكه، ولا ينفر صيده، ولا يلْتَقَط لُقَطَتُه إلا من عرَّفها، ولا يختلى خَلاهَا فقال العباس: يا رسول الله، إلا الإذْخَر فإنه لقَينهم، ولبيوتهم، فقال: إلا الإذخر[2].قوله: لا يختلى خلاها يعني لا يحتش الحشيش منها.
وقول العباس: فإنه لقينهم: القين بمعنى الحدَّاد - وهذا في الأغلب، والأشهر -، ويطلق على الصانع عموماً، فالحداد يحتاج للإذخر من أجل صنعته.
قوله: فإنه لقينهم، وبيوتهم: يعني يوضع في السقف فوق الخشب، ثم يوضع فوقه الطين.
وهذا الحديث فيه مسألة معروفة عند الأصوليين في باب التخصيص عند الكلام على الاستثناء، إذ أن من التفاصيل الداخلة تحت موضوع الاستثناء أن الاستثناء إنما يكون من متكلم واحد في أوله، وفي آخره، فتقول مثلاً: لك مائة درهم إلا ثلاثة، يعني لك سبع، وتسعين درهماً، وهذا كلام ظاهر، لكن إذا كان الاستثناء من طرف آخر، كأن يقول إنسان: له مائة فقال شخص آخر: إلا ثلاثة، فهل هذا يصح، أم لا بد أن يكون من متكلم واحد؟
هذا فيه كلام عند الأصوليين، ومن قال: إن ذلك يصح فقد احتج بهذا الحديث، وعلى كل حال مثل هذا لا يخفى، فإذا كان قد أقر به، وكان ذلك متصلاً بكلامه الأول عرفاً فإن ذلك ينـزل منـزلة كلامه، وإلا فليس لأحد أن يفتات على متكلم فيلزمه بما لا يلزمه.
وعن أبي شُرَيح العدوي أنَّه قال لعَمْرو بن سعيد - وهو يبعث البعوث إلى مكة -: ائذن لي - أيها الأمير - أن أحدثَك قولاً قام به رسولُ الله ﷺ الغَد من يوم الفتح.قال ذلك لعمرو بن سعيد الأشدق حينما كان يبعث البعوث لقتال عبد الله بن الزبير في أيام عبد الملك بن مروان، وفي أيام يزيد حيث قتل عبد الله بن الزبير على يد الحجاج، فقبل ذلك كان عمرو بن سعيد يبعث الجيوش يجيشها من المدينة إلى مكة.
سَمِعَته أذناي، ووعاه قلبي، وأبصرته عيناي حين تَكَلَّم به، إنه حمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: إن مكة حرمها الله، ولم يحرمها الناس، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله، واليوم الآخر أن يسفك بها دمًا، ولا يعضد بها شجرة، فإن أحد تَرَخَّصَ بقتال رسول الله ﷺ فقولوا: إن الله أذن لرسوله، ولم يأذن لكم، وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس فليبلغ الشاهد الغائب، فقيل لأبي شُرَيح: ما قال لك عمرو؟ قال: أنا أعلم بذلك منك يا أبا شريح، إن الحرم لا يعيذ عاصيًا، ولا فارًّا بدم، ولا فارًّا بخَرْبَة"[3]، رواه البخاري، ومسلم، وهذا لفظه.قوله: ولا فارًّا بخَرْبَة يعني، ولا فارَّاً بجناية.
أتى له بالحديث، وواضح، وصريح في حرمة مكة فقال له: نحن أعلم منك بهذا، وهذا مثل مروان لما أراد أن يخطب في العيد قبل الصلاة من أجل أن يسمع الناس له فلما أخذ أبو سعيد الخدري بثوبه جبذه مروان منه، وصعد المنبر، فقال له أبو سعيد: الصلاة قبل الخطبة، فقال: قد ذهب ما تعلم يا أبا سعيد، إن الناس ما عادوا يسمعون لنا.
وعلى كل حال عمرو بن سعيد هذا ذبحه صاحبه عبد الملك بن مروان ذبحاً كما تذبح الشاة حيث سلطه الله عليه، فقلته شر قتلة بيده، نسأل الله العافية.
فإذا علم هذا فلا منافاة بين هذه الأحاديث الدالة على أن الله حَرَّم مكة يوم خلق السماوات، والأرض، وبين الأحاديث الدالة على أن إبراهيم حَرَّمها؛ لأن إبراهيم بَلَّغ عن الله حُكْمه فيها، وتحريمه إياها، وأنها لم تزل بلدًا حرامًا عند الله قبل بناء إبراهيم لها، كما أنه قد كان رسول الله ﷺ مكتوبًا عند الله خاتم النبيين، وإن آدم لمنجَدِل في طينته، ومع هذا قال إبراهيم : رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ [سورة البقرة:129] الآية، وقد أجاب الله دعاءه بما سبق في علمه، وقَدَره، ولهذا جاء في الحديث أنهم قالوا: يا رسول الله، أخبرنا عن بَدْءِ أمرك، فقال: دعوة أبي إبراهيم ، وبشرى عيسى ابن مريم، ورأت أمي كأنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام[4]، أي: أخْبِرْنا عن بدء ظهور أمرك، - كما سيأتي قريبًا، إن شاء الله -.هذا واضح في الجمع بين هذه النصوص، وهو كون التحريم أظهره الله على لسان إبراهيم ﷺ.
وقوله تعالى إخبارًا عن الخليل أنه قال: رَبِّ اجْعَلْ هََذَا بَلَدًا آمِنًا [سورة البقرة:126] أي: من الخوف، أي لا يَرْعَبُ أهله، وقد فعل الله ذلك شرعًا، وقدرًا كقوله تعالى: وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا [سورة آل عمران:97]، وقوله: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ [سورة العنكبوت:67] إلى غير ذلك من الآيات، وقد تقدمت الأحاديث في تحريم القتال فيه.
وفي صحيح مسلم عن جابر: سمعت رسول الله ﷺ يقول: لا يحل لأحد أن يحمل بمكة السلاح[5]، وقال في هذه السورة: رَبِّ اجْعَلْ هََذَا بَلَدًا آمِنًا [سورة البقرة:126] أي: اجعل هذه البقعة بلدًا آمنًا، وناسب هذا؛ لأنه قبل بناء الكعبة.
وقال تعالى في سورة إبراهيم: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا [سورة إبراهيم:35]، وناسب هذا هناك؛ لأنه، والله أعلم كأنه وقع دعاء مرة ثانية بعد بناء البيت، واستقرار أهله به.هذا الكلام ليس بقاطع، وإنما هو احتمال، وهذه من الوجوه التي يتلمسها المفسرون فيما يسمى بالمتشابه اللفظي، فهنا قال: رَبِّ اجْعَلْ هََذَا بَلَدًا آمِنًا [سورة البقرة:126]، وهناك جاء بالتعريف، رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا [سورة إبراهيم:35]، فإذا قيل: لماذا فارق بينهما؟ فيمكن أن يقال: قبل بناء البيت كان موضع البيت بواد غير ذي زرع فدعا ربه أن يكون بلداً آمناً، أي أن يتحول هذا الموضع إلى بلد آمن، فلما صار بلداً دعا له مرة أخرى بـ"أل" العهدية: رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا [سورة إبراهيم:35] لكن هذا القول هو كغيره مما يذكرونه في هذه الوجوه فلا يقطع به؛ لأنه قد يكون المقام واحد أصلاً، والدعاء واحد لم يتكرر، - والله تعالى أعلم -، وقد سبق الكلام على قوله تعالى: رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا [سورة إبراهيم:35] هل ذلك من قبيل الشرع، أو القدر.
وقوله - تبارك، وتعالى -: وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا [سورة آل عمران:97]، وإن كان يحتمل هذا، وهذا إلا أن قوله: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ [سورة العنكبوت:67]، هذا يكون بالقدري؛ فهو يريهم أمراً يشاهدونه، ويعرفونه، وبالتالي يجاب عن الإشكال الذي قد يرد، وهو أن ما يقع فيه من القلاقل في بعض الأحيان فإن ذلك لا عبرة به، وإنما العبرة بالغالب، وهذا مثل قول الله : كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي [سورة المجادلة:21] فهذا أمر قد قضى الله به، ومع ذلك قد يقتل النبي، وقد يهزم جيشه، وما إلى ذلك، فلا يحكم بعدم الغلبة في مثل هذه الحالات القليلة التي تعتبر حالات استثنائية، وإنما العبرة بالعاقبة، ثم إن الغلبة أيضاً تكون بالحجة، والبيان، وإن هزم المسلمون في أُحد، ومعهم رسول الله ﷺ في أرض المعركة، وهو ثابت ﷺ لم ينهزم فهذا لا ينافي قوله تعالى: كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي [سورة المجادلة21:]، إذ إن المسلمين قد غَلبوا، وكانت العاقبة لهم.
كأنه وقع دعاء مرة ثانية بعد بناء البيت، واستقرار أهله، وبعد مولد إسحاق الذي هو أصغر سنًّا من إسماعيل بثلاث عشرة سنة؛، ولهذا قال في آخر الدعاء: الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء [سورة إبراهيم:39].
وقوله تعالى: وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [سورة البقرة:126].
روى ابن جرير عن أبي بن كعب: قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [سورة البقرة:126] قال: "هو قول الله تعالى"، وهذا قول مجاهد، وعكرمة.إبراهيم ﷺ قال: رَبِّ اجْعَلْ هََذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ [سورة البقرة:126] خص المؤمنين بهذا الدعاء، وذلك بأن يرزقهم الله من الثمرات، وقد قلنا: إن بعض أهل العلم ذكر في هذا لطيفة، وهي أن الله لما أدب خليله ﷺ حينما قال في الإمامة: وَمِن ذُرِّيَّتِي [سورة البقرة:124] حيث علمه الله أن الإمامة لا تكون لغير أهل الإيمان فقال: لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ [سورة البقرة:124]، فعهده لا ينال ظالماً، ولا يعطى لظالم، والكافر هو من أظلم الظالمين كما قال تعالى: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [سورة لقمان:13]، فظن إبراهيم ﷺ بعد ذلك أن الدعاء يقيد أيضاً في طلب الرزق فلذلك قال: وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ [سورة البقرة:126] فعلمه الله مرة أخرى، وبين له أن الأمر هنا يفترق، فقال تعالى: وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [سورة البقرة:126].
فقول الله : قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً [سورة البقرة:126] هذا من كلامه - سبحانه، وتعالى -، والمعنى أن الله قال: ومن كفر فإنه يُرزَق أيضاً؛، وذلك أن الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة، فالمقصود أن قوله: قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً [سورة البقرة:126] هو من كلام الله - تبارك، وتعالى - في مقابل قول إبراهيم ﷺ حينما خصص أهل الإيمان بالدعاء بقوله: وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ، وَالْيَوْمِ الآخِرِ [سورة البقرة:126].
وروى ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله تعالى: رَبِّ اجْعَلْ هََذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ [سورة البقرة:126] قال ابن عباس: كان إبراهيم يحجُرها على المؤمنين دون الناس فأنزل الله، ومن كفر أيضًا أرزقهم كما أرزق المؤمنين، أأخلق خلقًا لا أرزقهم؟! أمتعهم قليلا، ثم أضطرهم إلى عذاب النار، وبئس المصير، ثم قرأ ابن عباس: كُلاًّ نُّمِدُّ هَؤُلاء وَهَؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُورًا [سورة الإسراء:20] رواه ابن مَرْدُويه.
ورُوي عن عكرمة، ومجاهد نحو ذلك أيضًا، وهذا كقوله تعالى: قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ [سورة يونس:70]، وقوله تعالى: وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ [سورة لقمان:23 - 24]، وقوله: وَلَوْلَا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِّن فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِؤُونَ وَزُخْرُفًا وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ [سورة الزخرف:33 - 35].
وقوله: ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [سورة البقرة:126] أي: ثم ألجئه بعد متاعه في الدنيا، وبسطنا عليه من ظلها إلى عذاب النار، وبئس المصير، ومعناه: أن الله تعالى يُنْظرُهم، ويُمْهلهُم ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر، كقوله تعالى: وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا، وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ [سورة الحـج:48].
وفي الصحيحين: لا أحد أصبر على أذى سمعه من الله؛ إنهم يجعلون له ولداً، وهو يرزقهم، ويعافيهم[6]، وفي الصحيح أيضًا: إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ثم قرأ قوله تعالى: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [سورة هود:102][7].
- صحيح مسلم في كتاب الحج - باب فضل المدينة، ودعاء النبي ﷺ فيها بالبركة، وبيان تحريمها، وتحريم صيدها، وشجرها، وبيان حدود حرمها (1362) (ج 2 / ص 992)، والنسائي في السنن الكبرى في كتاب الحج - باب ثواب من صبر على جهد المدينة، وشدتها (4284) (ج 2 / ص 487)، واللفظ له.
- أخرجه البخاري في أبواب الجزية، والموادعة - باب إثم الغادر للبر، والفاجر (3017) (ج 3 / ص 1164)، ومسلم في كتاب الحج - باب تحريم مكة، وصيدها، وخلاها، وشجرها، ولقطتها إلا لمنشد على الدوام (1353) (ج 2 / ص 986).
- أخرجه البخاري في كتاب العلم - باب ليبلغ العلم الشاهد الغائب (104) (ج 1 / ص 51)، ومسلم في كتاب الحج - باب تحريم مكة، وصيدها، وخلاها، وشجرها، ولقطتها إلا لمنشد على الدوام (1354) (ج 2 / ص 987).
- أخرجه أحمد (ج 5 / ص 262)، والطبراني في الكبير (ج 8 / ص 175)، وصححه الألباني في صحيح السيرة النبوية.
- أخرجه مسلم في كتاب الحج - باب النهي عن حمل السلاح بمكة بلا حاجة (1356) (ج 2 / ص 989).
- أخرجه البخاري في كتاب التوحيد - باب قول الله تعالى: إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين (6943) (ج 6 / ص 2687)، ومسلم في كتاب صفات المنافقين، وأحكامهم - باب لا أحد أصبر على أذى من الله -عز، وجل- (2804) (ج 4 / ص 2160).
- أخرجه البخاري في كتاب التفسير - باب تفسير سورة هود (4409) (ج / ص 1726)، ومسلم في كتاب البر، والصلة، والآداب - باب تحريم الظلم (2583) (ج / ص 1997).