وما يتعلق بالنبي ﷺ، ففي مواضع كثيرة من القرآن يُؤمر ﷺ، ويُنهى، ويكون المقصود بذلك أمته، إذ إن الأمة تخاطب في شخص قدوتها - عليه الصلاة، والسلام -، ولهذا فإن الخطاب الموجه للنبي ﷺ تارة يكون مختصاً به، وتارة تراد به الأمة، وتارة يكون للنبي ﷺ، وللأمة.
فالله يقول للنبي ﷺ: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ [سورة الأحزاب:1]، وهو أتقى الأمة لله، وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ [سورة الأحزاب:1]، وحاشا النبي ﷺ أن يطيع الكافرين، والمنافقين، وهنا: فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ [سورة البقرة:147] أي: لا تكن من الشاكين.
فعلى كل حال بعض أهل العلم يحمل مثل هذا على أن المراد به الأمة، ابن جرير - رحمه الله - يقول: هذا خطاب للأمة، نهيٌ لها عن الامتراء، والشك، وإلا فإن هذا لا يتطرق إلى رسول الله ﷺ ، وليس ذلك بمستغرب أن يخاطب النبي - عليه الصلاة، والسلام -، وتراد أمته، وعلى كل حال - كما قلت - مخاطبة النبي ﷺ، أو نهيه عن شيء لا يعني إمكان وقوعه منه، وهذا له أمثلة كثيرة في القرآن، وكذلك بعض الأساليب الأخرى، مثل ما يكون على سبيل الشرط مثلاً فإن ذلك لا يعني إمكان الوقوع، مثل: قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ [سورة الزخرف:81] فهذا لا يمكن أن يكون، ولكن هذا يؤتى به لتقرير معنىً، أو لبيان باطل، أو لدفع شبهة، ونحو ذلك.