السبت 24 / ربيع الأوّل / 1446 - 28 / سبتمبر 2024
وَإِنْ عَزَمُوا۟ ٱلطَّلَٰقَ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي مجالس في تدبر القرآن الكريم
مرات الإستماع: 0

وقوله: وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ [سورة البقرة:227] فيه دلالة على أن الطلاق لا يقع بمجرد مضي الأربعة أشهر.
كما روى مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر - ا - أنه قال: "إذا آلى الرجل من امرأته لم يقع عليه طلاق، وإن مضت أربعة أشهر حتى يوقف، فإما أن يطلق، وإما أن يفيء" وأخرجه البخاري.
هذا الأثر جرى على العمل به جماهير أهل العلم سلفاً وخلفاً، خالف في ذلك أبو حنيفة كما مضى فإنه يقول: إذا مضى على إيلائه أربعة أشهر، ولم يراجع امرأته فإنها تبين منه بطلقة بائنة ليس فيها عدة يراجع فيها، وإنما تبين منه بمجرد انتهاء هذه المدة، ويحتجون بهذه الآية على أنه طلاق من أربعة أوجه، ليس هذا موضع سردها، وإنما المقصود الوقوف على الحكم بصورة مختصرة، وأما التوسع في المسألة فمحله كتب الفقه.
قوله سبحانه: سَمِيعٌ عَلِيمٌ أي: سميع لأقوالهم إذا تكلموا بالطلاق، عليم بأحوالهم إذا أصروا وبقوا على إيلاءهم، أو رجعوا إلى زوجاتهم.
"وروى ابن جرير عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه قال: سألت اثني عشر رجلاً من الصحابة عن الرجل يولي من امرأته، فكلهم يقول: ليس عليه شيء حتى تمضي أربعة أشهر فيوقف، فإن فاء، وإلا طلق.
ورواه الدارقطني من طريق سهيل قلت: وهو يروى عن عمر، وعثمان، وعلي، وأبي الدرداء، وعائشة أم المؤمنين، وابن عمر، وابن عباس أجمعين، وبه يقول سعيد بن المسيب، وعمر بن عبد العزيز، ومجاهد وطاووس، ومحمد بن كعب والقاسم".
التحديد بالأربعة أشهر بناءً على حق الزوجة، وما يلحق بها من ضرر، وهذا التحديد بالمدة المذكورة من لطف الشارع الحكيم، ولهذا بعض أهل العلم قال: إنما جعلت هذه المدة؛ لأنها هي الحد الذي تستطيع أن تصبر المرأة معه، ولذا عمر بن الخطاب لما سمع امرأة تقول:
 
تطاول هذا الليل واسود جانبه وأرقني ألا حليل ألاعبه
فو الله لولا الله لا شيء غيره لحرك من هذا السرير جوانبه
مخافة ربي والحياء يعفني وإكرام بعلي أن تنال مراكبه
سأل عنها، فأخبر أن زوجها في الغزو، فسأل ابنته حفصة: كم تصبر المرأة عن زوجها؟ قالت: أربعة أشهر، وجاء في بعض الآثار أنه سأل نسوة فأخبرنه أن المرأة تصبر شهراً، وتتصبر شهرين، ولا تطيق الصبر أكثر من أربعة أشهر، وهذا يقال في المرأة المتزوجة التي اعتادت على الوطء كما هو مشاهد حتى في الرجال، ولهذا قالوا: في حكمة الرجم للمحصن والمحصنة بالضرب بالحجارة حتى الموت كما نص عليها العلامة محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله - وغيره: "إن من اعتاد الوطء من الرجال والنساء فإنه لا يصبر عنها إلا بعقوبة رادعة كهذه، وهذا بخلاف من لم يتزوج فإنه يصبر السنين الطويلة".
والعلماء - رحمهم الله - في مسائل الكفارات لا يذكرون شيئاً يتصل بالإلزام إلا فيما يتصل بحق الغير، فمثلاً رجل ظاهر من امرأته قال لها: "أنتِ عليّ كظهر أمي" فيه الكفارة وهي: عتق رقبة، فإن لم يستطع فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، وعلى الراجح من أقوال أهل العلم أنه لا يقربها ليلاً ولا نهاراً، وإن كان النهار بالاتفاق، بل ومنهم من يقول: لا يستمتع بها بأي لون من ألوان الاستمتاع لقوله سبحانه: مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا [سورة المجادلة:3]، فتجلس هذه المدة، فمن أهل العلم من يرى أنه يحبس حتى يكفر؛ لأنه حق يتعلق به الغير، وأما في مسألة الإيلاء فإنه لا يحبس لكن يلزمه القاضي بأمرين:
إما الإطلاق، وإما الإيفاء، وينبغي عدم التساهل في هذه الأمور، وأخذها بالاعتبار وحكم الشرع.

مرات الإستماع: 0

"عَزَمُوا الطَّلاقَ العزيمة على قول مالك: التطليق، أو الإباية فيطلق عليه الحاكم، وعند أبي حنيفة: ترك الفيء حتى تنقضي الأربعة الأشهر[1] والطلاق في الإيلاء رجعي عند مالك[2] بائن عند الشافعي[3] وأبي حنيفة[4]."

على كل حال، تبين أن قول الجمهور: أنه لا يقع الطلاق بمجرد مضي الأربعة أشهر خلافًا لأبي حنيفة، وقوله - تبارك، وتعالى -: وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ يدل على أنه لا يقع بمجرد مضي هذه المدة، وهذا المعنى ذكره الحافظ ابن كثير - رحمه الله -[5].

وقد جاء عن مالك عن نافع عن ابن عمر أنه قال: "إذا آلى الرجل من امرأته لم يقع عليه طلاق، وإن مضت أربعة أشهر حتى يوقف فإما أن يطلق، وإما أن يفيء"[6]. مالك عن نافع عن ابن عمر هذا من أصح الأسانيد كما هو معلوم.

وهذا كما سبق قول الجمهور، فهو مروي عن عمر، وعثمان، وعلي، وأبي الدرداء، وعائشة، وابن عمر، وابن عباس - أجمعين -[7]

  1.  بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (3/173).
  2.  بداية المجتهد، ونهاية المقتصد (3/118).
  3.  المهذب في فقه الإمام الشافعي للشيرازي (3/61).
  4.  بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (3/177).
  5.  تفسير ابن كثير (1/605).
  6.  موطأ مالك ت عبد الباقي (2/56)، رقم: (17).
  7.  تفسير ابن كثير (1/605).

مرات الإستماع: 0

لما نهى الله -تبارك وتعالى- عن الإكثار من الحلف، وجعل الأيمان سبب للامتناع من فعل البر والمعروف والصلة وما إلى ذلك، وبين ما يؤاخذ عليه الإنسان من الأيمان، وما لا يؤاخذ عليه مما هو من قبيل اللغو بين بعد ذلك نوعًا خاصًا من الأيمان، وهو ما يتعلق ويختص بالزوجات: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ۝ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [سورة البقرة:226، 227].

لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ، للذين يحلفون أن لا يُجامعوا نسائهم، فقوله: يُؤْلُونَ من الألية وهي الحلف، آلا أن لا يفعل كذا بمعنى حلف، ومنه قوله -تبارك وتعالى: وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى [سورة النور:22]، نزلت في مسطح في قصة الإفك، لما حلف أبو بكر على أن لا ينفعه بنافعة[1]، كان يُنفق عليه وهو من قرابته، وهو فقير فلما قذف عائشة -رضي الله عنها- حلف أبو بكر أن لا يُنفق عليه، فقال الله: وَلا يَأْتَلِ [سورة النور:22]، يعني: ولا يحلف.

فهنا للذين يحلفون، للذين يؤلون من نسائهم انتظار أربعة أشهر، التربص بمعنى الانتظار، فإن رجعوا قبل فوات الأشهر الأربعة فإن الله غفور لما وقع منهم من الحلف بسبب رجوعهم رحيم بهم.

لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ [سورة البقرة:226]، يعني: يحلفون، يحلف الرجل أن لا يطأ امرأته، هنا ما قال: للذين يؤلون من نسائهم واللاتي يؤلين من أزواجهن، وإنما قال: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ، فهذا يكون من قِبل الرجل خاصة فلو حلفت المرأة أن لا يقربها زوجها؛ فإن ذلك لا ينطبق عليه هذا الحكم، يُقال: انتظار أربعة أشهر ثم بعد ذلك إن رجعت، وإلا طُبق عليها ما ذُكر في الآية فَإِنْ فَاءُوا، يعني: رجعوا، فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [سورة البقرة:227]، مضى على يمينه، ترك الجماع فالله سميع لأقوالهم عليم بأحوالهم ومقاصدهم وسيُجازيهم على ذلك.

فلو أن المرأة حلفت؛ فإن ذلك لا يُقال فيه بأنه من قبيل الإيلاء يُتربص بها أربعة أشهر، فليس للمرأة أن تمتنع من زوجها أصلاً، فإذا حلفت في مثل هذا فإن ذلك ليس بمُعتبر، وأما الرجل فلو أنه حلف أن لا يطأ امرأته؛ فإن كانت المدة أقل من أربعة أشهر، أو إلى أربعة أشهر؛ فإنه إن رجع قبل المدة التي حددها فإنه يُكفر كفارة يمين، وإن بقي إلى المُدة التي حددها كما لو آلا شهرًا فجلس الشهر؛ فإنه لا كفارة عليه، وقد آلا النبي ﷺ من أزواجها شهرًا، ونزل ﷺ من عُلية، غرفة في الأعلى كان قد اعتزل بها نساءه، نزل لتسع وعشرين، فلما سُأل عن هذا أخبر أن الشهر يكون تسعًا وعشرين، فهذا يكون لا كفارة عليه، لكن لو كانت المدة أكثر من أربعة أشهر كأن يحلف خمسة أشهر، أو سنة أو يحلف مُطلقًا أن لا يطأ المرأة من غير تحديد، فهذا يُنتظر أربعة أشهر؛ فإذا تم له أربعة أشهر عندها هنا يوقف، يُقال له: إما أن ترجع وإما أن تُطلق؛ لأن هذا حق للمرأة هذا لو حلف، فكيف لو هجرها بلا حلف إهمالاً، أو مُغاضبة أو نحو ذلك هجرها لا يطأها، وقد سأل عمر ابنته حفصة -رضي الله عنها- كم تصبر المرأة عن زوجها، وذلك من أجل أن يرجع الغزاة الأجناد إلى أهلهم لا يتعرضون لفتنة، ولا تتضرر نساؤهم، وتعرفون الخبر المشهور لما ذهب يعُس ليلاً ، فسمع تلك المرأة تقول مقالتها:

والله لو الله والله وحده لحُرك من هذا السرير جوانبه

فسمع عمر ذلك، فسأل ابنته حفصة كم تصبر المرأة عن زوجها، فاستحيت، ثم بعد ذلك ذكر لها الموجب لهذا السؤال، فأخبرته أنه أربعة أشهر[2].

ولاحظ هذه الآية من حكمة الله أنه حدد مُدة الإيلاء إلى حد أربعة أشهر، ولهذا ذهب الشافعي -رحمه الله- إلى أن الكفارات لا يُلزم الإنسان بشيء منها من قِبل الناس من قِبل الخلق الحاكم، القاضي هذا بينه وبين الله يُكفر عن يمينه إلا الإيلاء والظهار؛ لأنه حق للغير، حق للمرأة فتتضرر بذلك.

لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [سورة البقرة:226]، يُنتظر هذه المدة، والفيء، الفيئة بمعنى الرجوع فاء حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ [سورة الحجرات:9]، يعني: حتى ترجع إلى أمر الله.

ويؤخذ من هذه الآية: أن رجوع الإنسان عما هو عليه من المخالفة يكون سببًا للمغفرة، فَإِنْ فَاءُوا، رجعوا، فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، وعرفنا الفرق بين المغفرة والرحمة، قلنا المغفرة ستر، وأن يوق العبد شؤم المعصية وتبعة المعصية من العقوبة والمؤاخذة، والرحمة قدر زائد على ذلك، والإنسان يدخل الجنة برحمة الله، تنزل الألطاف الربانية بالعبد ونيل النعيم المُقيم، كل ذلك برحمة الله، لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله، قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته[3].

وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [سورة البقرة:227]، يعني: إن عقدوا العزم على الطلاق، رفض أن يرجع في الأربعة أشهر، ومضى في يمينه تاركًا الجماع، فإن الله سميع لأقوالهم عليم بمقاصدهم.

فهنا: وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ، يدل على أن الطلاق بيد الرجل وليس بيد المرأة، وَإِنْ عَزَمُوا هم يعني الذين يؤلون من نسائهم.

وكذلك أيضًا كما سبق الإيلاء، وكذلك أيضًا الظِهار على الراجح من أقوال أهل العلم؛ فإنه يكون للرجل خاصة، يعني: لو أن المرأة قالت لزوجها أنت عليّ كظهر أبي مثلاً، فهذا لا يكون ظهارًا؛ لأن المرأة لا تملك هذا وإلا لصار ذلك بيد النساء إذا غضبت على زوجها قالت اذهب أنت عليّ كظهر أبي، ثم تقول له بعد ذلك انتظر حتى أُكفر كفارة الظِهار، فليس لها ذلك.

كذلك في قوله هنا: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ [سورة البقرة:226]، لو أنه آلا من امرأة أجنبية، حلف ألا يطأها فهذا ليس بشيء؛ لأنها ليست امرأته، وكذلك لو أنه تزوجها بعد ذلك، يعني: حلف كما في الظهار، فالظِهار أيضًا قُيد بهذا، يُظاهرون من نسائهم، فلو أنه ظاهر من أجنبية فليس بشيء؛ لأنه وقع على غير محل قابل.

يؤخذ من هذه الآية أيضًا أن الطلاق لا يقع بمجرد تمام مدة الإيلاء، يعني: لو أنه استتم أربعة أشهر فإذا زاد على الأربعة؛ لأن الأربعة له فالزيادة عليها يُقال له إما أن ترجع وإما أن تُطلق، فلا يكون طلاقًا بمجرد مُضي الأربعة أشهر، بل لابد من إيقاع الطلاق، لقوله: وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ [سورة البقرة:227]، فإما أن يُطلق، فإن رفض أن يُطلق، ولم يرجع طلق عليه الحاكم، يعني: يوقع الطلاق القاضي، فلا تبقى المرأة مُعلقة هكذا لا هي متزوجة، ولا مُطلقة، ثم بعد ذلك يتلاعب بها هذا الرجل، ويُضيع مصالحها الأصلية الأساسية، وذلك من أعظم مقاصد النكاح الوطء العفاف، وما يحصل من جراء ذلك من الولد ونحو هذا، فلا يُترك، فيُلزم إما أن يرجع، وإما أن يُطلق، فإذا رفع طلقها القاضي، الشريعة جاءت في كل قضية بحكم في غاية العدل، خلافًا لما يتصوره كثير من الناس لاسيما بعض النساء اللاتي يقع عليهن الضرر من بعض الأزواج، فتظن أنها لا تُدرك حقًا، ولا تُحصل مطلوبًا، وأنها مُضيعة الأمر ليس كذلك لو وصل إلى المحكمة فتُنصف هذه المرأة إن شاء الله.

وهنا في قوله -تبارك وتعالى: فَإِنْ فَاءُوا [سورة البقرة:226]، قدم الفيئة وأخر الطلاق وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ [سورة البقرة:227]، يدل على أن الفيئة أحب إلى الله -تبارك وتعالى- وهي أحرى وأولى به، ومثل هذا الختم للآية سَمِيعٌ عَلِيمٌ [سورة البقرة:227]، وهناك: غَفُورٌ رَحِيمٌ [سورة البقرة:226]، في الرجوع، هذا ترغيب في الرجوع، وتحذير من تضييع الحقوق، هذا الذي يُصر على أنه لا يرجع فإن قوله: سَمِيعٌ عَلِيمٌ، عظيم السمع عظيم العلم به بحاله في ظاهره وباطنه ومقاله وعمله، هذا فيه تهديد مُبطن فينبغي على العبد أن يحذر من مساخط الله ومن ظُلم العباد، لاسيما أقرب الناس إليه وهي الزوجة التي قد لا تستطيع أن تدفع عن نفسها، وقد تتحاشى الذهاب إلى المحاكم لسبب أو لآخر، كثير من الناس لا يريد أن يصل الأمر إلى المحكمة، وتتحول الخصومات إلى ذلك الحال، فلربما صبرت على ظلم كثير وبقيت سنوات لا يطأ لها فراشًا، وهي تحتمل ذلك منه، بل لربما ترك النفقة عليها، وضيع جميع الحقوق، ومع ذلك هي صابرة، فهذا شأنها، لكن الشريعة قد كفلت لها حقها، هذا والله تعالى أعلم. 

  1. أخرجه البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ..... رقم: (4757)، ومسلم، كتاب التوبة، باب في حديث الإفك وقبول توبة القاذف، رقم: (2770).
  2. سنن سعيد بن منصور (2/ 210)، رقم: (2463).
  3. أخرجه البخاري، كتاب المرضى، باب تمني المريض الموت، رقم: (5673)، ومسلم، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب لن يدخل أحد الجنة بعمله بل برحمة الله تعالى، رقم: (2816).