الخميس 09 / شوّال / 1445 - 18 / أبريل 2024
يَٰبَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ ٱذْكُرُوا۟ نِعْمَتِىَ ٱلَّتِىٓ أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا۟ بِعَهْدِىٓ أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّٰىَ فَٱرْهَبُونِ

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي مجالس في تدبر القرآن الكريم
مرات الإستماع: 0

يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ۝ وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ [سورة البقرة:40-41].
يقول تعالى آمراً بني إسرائيل بالدخول في الإسلام ومتابعة محمد - عليه من الله أفضل الصلاة والسلام -، ومُهَيجًا لهم بذكر أبيهم إسرائيل، وهو نبي الله يعقوب  وتقديره: يا بني العبد الصالح المطيع لله كونوا مثل أبيكم في متابعة الحق، كما تقول: يا ابن الكريم افعل كذا، يا ابن الشجاع بارز الأبطال، يا ابن العالم اطلب العلم ونحو ذلك.
ومن ذلك أيضاً قوله تعالى: ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا [سورة الإسراء:3].

قوله تعالى: يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ هذا مثال على ما سبق ذكره من الكلام حول المفرد المضاف أنه يفيد الجمع، فالنعمة مفرد مضاف إلى الضمير - الياء - اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ والمعنى اذكروا نعمي عليكم، وهذا الخطاب صريح في أنه موجه إلى بني إسرائيل في تذكيرهم بنعم الله .
بعض أهل العلم ومنهم كبير المفسرين ابن جرير الطبري - رحمه الله - يقولون: إن كل ما سبق من الحديث عن خلق آدم، وأمر الملائكة بالسجود له، وإسكانه الجنة، وما أشبه ذلك؛ كل ذلك موجه أيضاً لبني إسرائيل يذكرهم بهذه النعم، وأن الله أكرمهم بإكرام أبيهم آدم بأن خلقه بيده، وأسجد له ملائكته، وأسكنه جنته وما إلى ذلك، فهؤلاء العلماء يرون أن ما سبق هو أيضاً موجه إلى بني إسرائيل، مع أن ظاهر ذلك أنه عام، فالله يحكي خبر آدم ﷺ، ومن ضمن ذلك تذكير للناس بنعمته عليهم، وتحذيرهم من عدوهم إبليس، ثم تحدث بعد ذلك عن بني إسرائيل.
وعلى قول ابن جرير - رحمه الله - إن ذلك شروع في مخاطبة بني إسرائيل، وتذكيرهم بنعمه - تبارك وتعالى - عليهم، ثم صرح باسمهم بعد ذلك، وإلا فالكلام معهم بدأ قبل ذلك.
قوله تعالى: يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ: أي: اذكروا نعمي، فتدخل في ذلك جميع النعم التي أنعم الله بها على بني إسرائيل، ولا يختص ذلك بنعمة دون نعمة، وبالتالي ما يذكره السلف في تعداد بعض النعم كله داخل في معنى الآية، والله تعالى أعلم، فمن ذلك أنه أنجاهم من آل فرعون، وأغرق فرعون وقومه، ومن ذلك أنه أنزل عليهم المنَّ والسلوى، وأنه اصطفاهم على عالمي زمانهم، وجعل فيهم الأنبياء، وجعلهم ملوكاً، وآتاهم ما لم يؤت أحداً من العالمين، وأورثهم مشارق الأرض ومغاربها التي بارك فيها، إلى غير ذلك من الأمور الكثيرة التي يمتن الله بها على بني إسرائيل.
اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ: أي: اذكروا نعمي باللسان، وبالقلب، وبالعمل بالجوارح بالقيام بوظائف العبودية، فهذا كله داخل في معنى قوله: اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ.
هذا الخطاب عن النعم يتوجه إلى الأحياء من بني إسرائيل مع أن تلك النعم التي كانت لهم من إنقاذهم من فرعون، وإنزال المن والسلوى، وجعل الملك فيهم، وغير ذلك من النعم التي ذكرها الله تعالى؛ إنما كانت لأجدادهم، فكيف صح مخاطبتهم بذلك مع أنهم لم يدركوا تلك النعم، ولم يروها، ولم تحصل لهم وإنما حصلت للأجداد؟
الجواب عن ذلك أن يقال: إن القاعدة أن النعمة التي تكون للآباء تتصل بالأبناء، والذرية، وبالنسبة للرزايا فإن ذلك يكون متصلاً بذريتهم إذا كانوا على طريقتهم، ولهذا يقول لهم الله : وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً [سورة البقرة:55]، مع أن الذين كانوا في زمان النبي ﷺ ما قالوا هذا، لكن لما كانوا على طريقتهم صح أن يوجه إليهم هذا الخطاب، وهكذا في أمثلة كثيرة، وهذا هو الفرق بين المخاطبة بالنعمة وذكر الرزايا التي قارفوها.
فإسرائيل هو يعقوب؛ بدليل ما رواه أبو داود الطيالسي عن عبد الله بن عباس - ا - قال: حضرت عصابة من اليهود نبي الله ﷺ فقال لهم: هل تعلمون أن إسرائيل يعقوب؟ قالوا: اللهم نعم، فقال النبي ﷺ: اللهم اشهد.
وروى الطبري عن عبد الله بن عباس - ا - أن إسرائيل كقولك: عبد الله.

يقولون: إن إسرائيل هي كلمة أعجمية مركبة الجزء الأول منها بمعنى عبد، والثاني بمعنى الله، ولهذا يقال: جبرائيل، وميكائيل، وإسرافيل وما أشبه هذا، وهذا أشهر ما فسرت به، وإلا فقد فسرت بأشياء كثيرة غير هذا، منها قول بعضهم: إن المراد بإسرائيل هو أن يعقوب ﷺ أسر الشيطان، فإيل هو الشيطان، وهذا قول غير صحيح، نعم.
وقوله تعالى: اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ [سورة البقرة:40] قال مجاهد: نعمة الله التي أنعم بها عليهم فيما سمى، وفيما سِوَى ذلك؛ أن فجر لهم الحجر، وأنزل عليهم المن والسلوى، ونجاهم من عبودية آل فرعون.
وقال أبو العالية: "نعمته أن جعل منهم الأنبياء، والرسل، وأنزل عليهم الكتب".
قلت: وهذا كقول موسى لهم: يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّن الْعَالَمِينَ [سورة المائدة:20] يعني في زمانهم.
وروى محمد بن إسحاق عن ابن عباس - ا - في قوله تعالى: اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ أي: بلائي عندكم وعند آبائكم لما كان نجاهم من فرعون وقومه.
وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ [سورة البقرة:40] قال: بعهدي الذي أخذت في أَعناقكم للنبي ﷺ إذا جاءكم أنجز لكم ما وعدتكم عليه بتصديقه، واتباعه؛ بوضع ما كان عليكم من الآصار والأغلال التي كانت في أعناقكم بذنوبكم التي كانت من إحداثكم.
وقال الحسن البصري: هو قوله تعالى: وَلَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَآئِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ [سورة المائدة:12].

لعل أحسن ما يفسر به هذا الموضع من كتاب الله أن يفسر بالقرآن، وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ فعهد الله مصرح به في هذه الآية: لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا [سورة المائدة:12]، ثم بعد ذلك العهد إن وفوا به يكون لهم الجزاء الحسن لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ [سورة المائدة:12]، فهذا عهد الله لبني إسرائيل، والله أعلم.
وقال آخرون: هو الذي أخذ الله عليهم في التوراة أنه سيبعث من بني إسماعيل نبيًا عظيماً يطيعه جميع الشعوب، والمراد به محمد ﷺ، فمن اتبعه غفر الله له ذنبه، وأدخله الجنة، وجعل له أجرين.
هذا داخل في قوله تعالى: وَآمَنتُم بِرُسُلِي الذين منهم محمد ﷺ فهذا من العهد الذي أخذ الله عليهم كما قال الله : وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا [سورة آل عمران:81] فهذا من العهد الذي أخذه الله على الأنبياء - عليه الصلاة والسلام -، وأمم وأتباع هؤلاء الأنبياء تبع لهم كما هو مصرح به في هذه الآية: وَآمَنتُم بِرُسُلِي [سورة المائدة:12].
وقد أورد الرازي بشارات كثيرة عن الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - بمحمد ﷺ.الرازي في التفسير الكبير ذكر من الكتب السابقة طائفة من هذه البشارات، وذكره غيره أيضاً جماعة من المفسرين، فهم حينما يوردون ما ورد في الكتب السابقة من البشارة بمحمد ﷺ يورودنها في هذا المقام، وبعضهم يوردها في مقام آخر وهو قوله تعالى: وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ [سورة الصف:6]، فتجد مثلاً صديق حسن خان في كتاب فتح البيان أورد نماذج كثيرة من كتب بني إسرائيل التي تصرح بمجيء النبي ﷺ.
وقال أبو العالية: وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي [سورة البقرة:40] قال: "عهده إلى عباده: دين الإسلام، وأن يتبعوه".
وهذا مثال على ما سبق أيضاً من الكلام على المفرد المضاف والذي يؤديه من معنى، وهو أن المقصود أوفوا بعهودي.
وقال الضحاك عن ابن عباس - ا -: أُوفِ بِعَهْدِكُمْ [سورة البقرة:40] قال: "أرْضَ عنكم، وأدخلكم الجنة"، وكذا قال السدي، والضحاك، وأبو العالية، والربيع بن أنس.
وقوله تعالى: وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ [سورة البقرة:40] أي: فاخشونِ؛ قاله أبو العالية، والسدي، والربيع بن أنس، وقتادة.
وقال ابن عباس - ا - في قوله تعالى: وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ أي: أن أُنزِل بكم ما أنزلت بمن كان قبلكم من آبائكم من النَّقِمَات التي قد عرفتم من المسخ وغيره.

أي أنه يخوفهم، وكل ذلك من التفسير بما يقرب المعنى، وليس ذلك من قبيل التفسير بالمطابق، وإلا فإن الرهبة تفترق عن الخوف في المعنى الزائد أو قل: في المعنى الخادم، وإن كانت تتفق معه في المعنى الأصلي، فالمعنى الأصلي للرهبة هو الخوف كما فسرت به هنا، ولكنها تفترق معه في المعنى التكميلي، فالرهبة نوع من الخوف هي أخص منه، والخوف على مراتب، كما أن المحبة على مراتب، فالخوف منه ما يكون رعباً، ومنه ما يكون من قبيل الرهبة، ومنه ما يكون من قبيل الخشية، فهو في كل مقام بحسبه، فتارة يكون ذلك مع علم بالمخوف منه، فيكون ذلك من قبيل الخشية، وتارة يملأ القلب فيضطرب له القلب ويرتجف، فيكون ذلك من قبيل الرعب، وتارة يكون مع شيء من التعظيم لهذا المخوف...، إلى غير ذلك مما يصاحب الخوف، فيكون له معنىًِ يخصه.

مرات الإستماع: 0

"يا بَنِي إِسْرائِيلَ لما قدم دعوة الناس عموما، وذكر مبدأهم: دعا بني إسرائيل خصوصًا، وهم اليهود، وجرى الكلام معهم من هنا إلى حزب (سيقول السفهاء) فتارة دعاهم بالملاطفة، وذكر الإنعام عليهم، وعلى آبائهم، وتارة بالتخويف، وتارة بإقامة الحجة، وتوبيخهم على سوء أعمالهم، وذكر العقوبات التي عاقبهم بها. 

فذكر من النعم عليهم عشرة أشياء، وهي: وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ [البقرة: 49] وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ [البقرة: 50] وبَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ [البقرة: 56] وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ [البقرة: 57] وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى [البقرة: 57] ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ [البقرة: 52] فَتابَ عَلَيْكُمْ [البقرة: 54] نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ [البقرة: 58] وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [البقرة: 53] فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْنًا [البقرة: 60].

وذكر من سوء أفعالهم عشرة أشياء: قولهم: سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا [البقرة: 93] واتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ [البقرة: 51] وقولهم: أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً [النساء: 153] وفَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا [البقرة: 59] و لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ [البقرة: 61] ويُحَرِّفُونَهُ [البقرة: 75] وتَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ [البقرة: 64] وقَسَتْ قُلُوبُكُمْ [البقرة: 74] و وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ [النساء: 155].

وذكر من عقوبتهم عشرة أشياء: وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ [البقرة: 61] ويُعْطُوا الْجِزْيَةَ [التوبة: 29] فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ [البقرة: 54] وكُونُوا قِرَدَةً [البقرة: 65] وفَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ [الأعراف: 162] فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ [البقرة: 55] وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً [المائدة: 13] وحَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ [النساء: 160] وهذا كله جرى لآبائهم المتقدمين، وخوطب به المعاصرون لمحمد ﷺ؛ لأنهم متبعون لهم راضون بأحوالهم، وقد وبخ المعاندين لمحمد ﷺ 

وفي نسخة:،وقد وُبِّخ المعاصرون لمحمد ﷺ بتوبيخات أخر، وهي عشرة: كتمانهم أمر محمد ﷺ مع معرفتهم به، ويُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ [النساء: 46] ويَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ [البقرة: 79] وتَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ [البقرة: 85] وحرصهم على الحياة، وعداوتهم لجبريل، واتباعهم للسحر، وقولهم: (نحن أبناء الله)، وقولهم: (يد الله مغلولة)."

قوله: يا بَنِي إِسْرائِيلَ لما قدم دعوة الناس عموما، وذكر مبدأهم ..... إلى قوله: وقولهم: (يد الله مغلولة): هذا التفصيل هو من الأشياء المفيدة في هذا الكتاب، فهو في هذا السياق الطويل يذكر مثل هذه الأنواع في الإنعام، والتوبيخ، والقوارع التي نزلت بهم، وما ذكره هنا من أن ذلك جرى لآبائهم، وأنه خوطب به المعاصرون للنبي ﷺ؛ لأنهم متبعون لهم راضون بأحوالهم، وهذا بناء على أنه بالنسبة للنعم، النعم الواقعة للآباء واصلة للذرية، فصح الامتنان عليهم بها وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ [البقرة: 49] والذين في زمن النبي ﷺ يحصل لهم هذا، وإنما حصل لآبائهم وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى [البقرة: 57] وهذا حصل لآبائهم، فالنعمة الحاصلة للآباء، واصلة للذرية فصح الامتنان على المخاطبين في زمن النبي ﷺ من اليهود، وأما في التوبيخ وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا [البقرة: 72] وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً [البقرة: 55] الذين قالوا هم أجداد هؤلاء، فيقال بأن المذمة التي تلحق الآباء تلحق الذرية إذا كانوا على طريقتهم بهذا الاعتبار، وهم على طريقتهم فصحّ مخاطبتهم بهذا ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ [البقرة: 51] مع أن الذين عبدوا العجل هم الآباء، فهذا توجيه الخطاب في القرآن لهم فيما يتصل بالامتنان بالنعم، أو التوبيخ على القبائح التي حصلت من أجدادهم وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ [البقرة: 65].

"نِعْمَتِيَ اسم جنس فهي مفردة بمعنى الجمع."

هذا مضى مرارًا، المفرد المضاف يكون  بمعنى الجمع، نعمتي أي نعمي.

بهَا جِيَفُ الحَسْرَى فأمَّا عِظامُها فبيضٌ، وأمّا جلدُها فَصَلِيبُ[1]

يعني أما جلودها، فجلد مفرد أضافه إلى المعرفة الذي هو الضمير جلدها، أي جلودها، فصليب يعني صليبة يابسة.

"ومعناه: عام في جميع النعم التي على بني إسرائيل مما اشترك فيه معهم غيرهم، أو اختصهم به كالمن، والسلوى، وللمفسرين فيه أقوال تحمل على أنها أمثلة، واللفظ يعم النعم جميعًا."

يعني: أن يكون التحديد الذي قاله بعض المفسرين من قبيل التفسير بالمثال؛ من أجل الإيضاح، وليس للحصر، يقول مثلًا: المن، والسلوى، اذكروا نعمتي.

فالمن، والسلوى من جملة النعم، وإلا فنعمه عليهم كثيرة من إنجائهم من آل فرعون، وتظليل الغمام، وكما قال الله وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ [المائدة: 20].

"بِعَهْدِي مطلق في كل ما أخذ عليهم من العهود."

يعني: من الإيمان به، وبرسله، ومنهم محمد ﷺ، وإقامة شرعه، وبيان الحق الذي عرفوه بِعَهْدِي ولاحظ هنا عهد مفرد مضاف إلى معرفة إلى الضمير الياء بِعَهْدِي أي: بعهودي، ويدخل فيه سائر العهود وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ [البقرة: 63] وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ [البقرة: 84].

"وقيل: الإيمان بمحمد ﷺ وذلك قويّ؛ لأنه مقصود الكلام."

وعلى كل حال هو يدخل في ذلك أُوفِ بِعَهْدِكُمْ .

"بِعَهْدِكُمْ دخول الجنة."

وتكفير السيئات، الله يقول: وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [المائدة: 12].

وكذلك أيضًا: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ [آل عمران: 187] فهذا كله من مواثيقه، وعهوده.

وفي قوله في الأعراف: عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ [الأعراف: 156] الآية، إلى قال فيها: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ [الأعراف: 157] فدخل فيه الإيمان بالنبي ﷺ فهذا كله داخل فيه - والله أعلم -.

"وَإِيَّايَ مفعول بفعل مضمر مؤخر لانفصال الضمير، وليفيد الحصر يفسره فارهبون، ولا يصح أن يعمل فيه فارهبون لأنه قد أخذ معموله، وكذلك وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ ."

لأنه قد أخذ معموله فارهبوني، يعني المفعول؛ لأنه قد أخذ معموله، وكذلك فَاتَّقُونِ يعني اتقوني، فالياء هنا هو معموله، فيكون هنا قوله: وَإِيَّايَ مفعول بفعل مضمر مؤخر لانفصال الضمير وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ يعني: فارهبوني، فيقول: لا يصح أن يكون هو فارهبون، لكن فارهبون يفسر هذا المعمول لانفصال الضمير الذي هو الياء، لما كانت الياء لا تأتي مفردة دخلت معها بهذا التركيب وَإِيَّايَ وهذا يفيد الحصر، تقديم المعمول على عامله يفيد الحصر، أصله فارهبوني، قال: وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ لإفادة الحصر، يعني مثل: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة: 5] أي: لا ترهبوا غيري.

  1. قاله علقمة بن عبدة بن النعمان. انظر: المفضليات (ص: 394)

مرات الإستماع: 0

بعد ما ذكر خبر آدم مع إبليس، وما حصل من إغواء الشيطان لآدم، وجّه الخطاب إلى بني إسرائيل، فهؤلاء أولاد وذرية يعقوب يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وإسرائيل هو عبد الله يعقوب اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ [سورة البقرة:40] نعمتي، نِعمة مُفرد، مُضاف إلى الضمير المعرفة، وهو الياء، ومثل هذا يُكسبه العموم اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ يعني: اذكروا نِعمي، التي أنعمت عليكم، ونِعمه -تبارك وتعالى- عليهم كثيرة، كما قال الله -تبارك وتعالى: وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ [سورة البقرة:47] وقال: وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ [سورة البقرة:49] إلى غير ذلك مما ذكره الله -تبارك وتعالى- كإنزال المن والسلوى، وتظليل الغمام، فهذا كله من إنعامه وإفضاله عليهم، يُذكرهم به، ويُطالبهم بمُقتضاه من الشُكر، وأن يحفظوا وصيته -تبارك وتعالى- لهم بأن يؤمنوا بكتبه، ورُسله، وأن يعملوا بشرائعه، وأنهم إذا فعلوا ذلك أتم لهم ما وعدهم وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ [سورة البقرة:40] وذلك أن الله -تبارك وتعالى- يرحمهم في الدنيا، ويُنجيهم في الآخرة من العذاب، ويأمرهم أن يخافوه وحده، وأن يحذروا نقمته -تبارك وتعالى- إن هم كفروا به، ونقضوا عهده.

ولاحظ هذا الخطاب يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ [سورة البقرة:40] فهذا فيه تحريض وحث على الامتثال، فقال: يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ يا أولاد يعقوب، ويا ذرية يعقوب، فهو يدعوهم هنا بهذا الاسم المُحبب إليهم، الذي يُذكرهم بالطاعة والاستقامة والاستجابة لله -تبارك وتعالى- وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ [سورة ص:45] فهؤلاء أجداد بني إسرائيل، فهؤلاء الثلاثة هم أولاد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم فقد كانوا أُوْلِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ أي: الجلد والقوة في طاعة الله، والجهاد والدعوة وَالأَبْصَارِ أي: أصحاب البصائر النافذة.

وقال: إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ [سورة ص:46] الآخرة بين أعيُنهم، لا تغيب عنهم بحال من الأحوال، فالله -تبارك وتعالى- يُهيج نفوس بني إسرائيل، ويُذكرهم بذكر أبيهم يعقوب يا بني العبد الصالح التقي المُطيع، كونوا كأبيكم في مُتابعة الحق، كما تقول: يا ابن الكرام افعل كذا، ويا ابن الأفاضل افعل كذا، وتقول للرجل: يا ابن الأخيار، ويا ابن أهل الغيرة، عليك أن تُعنى بحجاب بناتك ونسائك، أهلك أهل غيرة، وأنت من أسرة معروفة، فتُذكره بذلك.

ثم إن هذا الأسلوب لا شك أنه أدعى للقبول، وتأمل ما ذُكر معه: اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ [سورة البقرة:40] فإذا ذُكروا بالنعمة، فإن هذا يقودهم إلى الامتثال والاستجابة، ويكون في ذلك من إقامة الحجة عليهم ما فيه اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ [سورة البقرة:40] ويُؤخذ من هذا أن ذكر النِعم أمر مطلوب شرعًا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا [سورة آل عمران:103] وهكذا في مواضع من كتاب الله -تبارك وتعالى- يُذكر بنِعمه لِإِيلافِ قُرَيْشٍ ۝ إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ۝ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ ۝ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ [سورة قريش:1- 4] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا [سورة الأحزاب:9] فالتذكير بالنِعم مؤذنٌ بانقياد النفوس التي تحمل قلوبًا حية.

ثم أيضًا الخطاب حينما يوجه إلى مُخاطب مخصوص، كما هنا يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ [سورة البقرة:40] مع أن هذا مطلوب لجميع البشر، أن يذكروا نعمة الله عليهم، فهذا التوجيه لهذا الخطاب: إما لكون هذا المُخاطب أوعى من غيره، فيُخص بالخطاب، مع أن ذلك لا شك أنه يتوجه إلى الجميع، أو لكون هذا المُخاطب أولى أن يمتثل؛ لكثرة نِعم الله عليه، فهنا وُجّه هذا لبني إسرائيل لكثرة النِعم، والله أعلم، ومنها: أنه كان يسوسهم الأنبياء، وفي العصر الواحد يوجد جمع من الأنبياء يسوسهم، وهم قد قتلوا في يوم واحد سبعين نبيًا، كما صح ذلك عن رسول الله ﷺ[1] فهؤلاء كانوا في حال من النِعم الكثيرة، اصطفاهم الله  على عالم زمانهم وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ [سورة البقرة:47] وأكرمهم، وأعطاهم وأولاهم، ولكنهم كفروا بالله -تبارك وتعالى- وما رعوا هذه النِعم حق رعايتها، فهؤلاء في الواقع كانوا أولى الناس بالامتثال والاستجابة، واتباع النبي ﷺ لما عندهم من العلم برسالته، وأحقية ما جاء به، ولعلمهم بأوصافه المذكورة في كتبهم.

وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ [سورة البقرة:40] أوفوا بعهدي أوفي بعهدكم، فما هو عهده؟ هو الإيمان والتوحيد، واتباع الرسل، وعهد هؤلاء الذي أعطاهم: هو أن من فعل ذلك رحمه وأدخله جنته، ونجاه من عذابه، فقوله -تبارك وتعالى: وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ [سورة البقرة:40] تقديم المعمول (إياي) على عامله، يدل على الاختصاص والحصر، وفيه توحيد الرهبة لله وأن يرهب العبد ربه، والرهبة هي خوف مع تعظيم، فالخوف على مراتب، ومن مراتبه: الرهبة، وهكذا في قوله -تبارك وتعالى: وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ [سورة البقرة:41] فهذا كله يفيد الحصر، ويفيد الاختصاص، والتقوى تكون له وحده، والخوف يكون منه وحده.

  1.  لم أجده مرفوعاً، وإنما ورد في البحر المحيط في التفسير (1/ 382): روي عن ابن مسعود: قتل بنو إسرائيل سبعين نبيًا، وفي رواية ثلاثمائة نبي في أول النهار، وقامت سوق بقلهم في آخره.
    وفي مسند البزار = البحر الزخار برقم: (1285): عن أبي عبيدة بن الجراح، قال: قلتُ: يا رسول الله: أي الشهداء أكرم على الله؟، قال: 
    رجل قام إلى أمير جائر، فأمره بمعروف ونهاه عن منكر فقتله قيل: فأي الناس أشد عذاباً؟، قالرجل قتل نبيًا، أو قتل رجلاً أمره بمعروف، أو نهاه عن منكر ثم قرأوَیَقۡتُلُونَ ٱلنَّبِیِّـۧنَ بِغَیۡرِ حَقࣲّ وَیَقۡتُلُونَ ٱلَّذِینَ یَأۡمُرُونَ بِٱلۡقِسۡطِ مِنَ ٱلنَّاسِ فَبَشِّرۡهُم بِعَذَابٍ أَلِیمٍ [سورة آل عمران:21] ثم قال: (يا أبا عبيدة قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبيًا في ساعة واحدة، فقام مائة رجل واثنا عشر رجلاً من عباد بني إسرائيل، فأمروا بالمعروف، ونهوا عن المنكر فقتلوا جميعًا. وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة برقم: (5461).