الأربعاء 16 / ذو القعدة / 1446 - 14 / مايو 2025
وَإِذِ ٱسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِۦ فَقُلْنَا ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْحَجَرَ ۖ فَٱنفَجَرَتْ مِنْهُ ٱثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا ۖ قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ ۖ كُلُوا۟ وَٱشْرَبُوا۟ مِن رِّزْقِ ٱللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا۟ فِى ٱلْأَرْضِ مُفْسِدِينَ

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي مجالس في تدبر القرآن الكريم
مرات الإستماع: 0

قال المفسر - رحمه الله تعالى - في تفسير قوله تعالى: وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ [سورة البقرة:60] "يقول تعالى: واذكروا نعمتي عليكم في إجابتي لنبيكم موسى حين استسقاني لكم، وتيسيري لكم الماء، وإخراجه لكم من حجر معكم، وتفجيري الماء لكم منه من اثنتي عشرة عيناً، لكل سبط من أسباطكم عين قد عرفوها، فكلوا من المن والسلوى، واشربوا من هذا الماء الذي أنبعته لكم بلا سعي منكم ولا كد".فقوله تعالى: وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى: إذ منصوب بفعل تقديره واذكروا إذ فقول الحافظ ابن كثير - رحمه الله - هنا: وإخراجه - يعني الماء - لكم من حجر معكم: هذا بناءً أن (أل) للعهد لقوله: اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ [سورة البقرة:60]، فتكون (أل) عهدية أي اضرب حجراً معهوداً، ويعني به حجراً معيناً يعرفه موسى ﷺ، وكانوا ينقلونه معهم، ويحملونه في أسفارهم، فيخرج منه الماء، فهو حجر معين وليس أي حجر.
وكثير من السلف المفسرين يقولون: إنه حجر غير محدد، وعلى هذا تكون (أل) في قوله: اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ للجنس اضرب أي حجر، ولربما كان هذا أبلغ في الإنعام، وفي المعجزة، وعلى كل حال لا يوجد دليل يدل على أنه حجر معين، وإنما المقصود على كل الأحوال أن الحافظ ابن كثير - رحمه الله - عبر بهذه العبارة - من حجر معكم- بناءً على هذا المعنى.
"فكلوا من المن والسلوى واشربوا من هذا الماء الذي أنبعته لكم بلا سعي منكم ولا كد، واعبدوا الذي سخر لكم ذلك.
وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ [سورة البقرة:60] ولا تقابلوا النعم بالعصيان فتسلبوها، وقد بسطه المفسرون في كلامهم كما قال ابن عباس - ا -: وجعل بين ظهرانيهم حجر مربع، وأمر موسى فضربه بعصاه، فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً في كل ناحية منه ثلاث عيون، وأعلم كل سبط عينهم يشربون منها لا يرتحلون من منقلة إلا وجدوا ذلك معهم بالمكان الذي كان منهم بالمنزل الأول".
الأسباط هؤلاء المشهور أنهم من تناسل من أولاد يعقوب فهم بمنزلة القبائل من غير بني إسرائيل، فكل سبط أشبه ما يكون بالقبيلة يرجعون إلى ولد من أولاد يعقوب - عليه الصلاة والسلام -، وبعضهم يقول غير هذا القول، لكن هذا هو المشهور.
وهذه القصة شبيهة بالقصة التي في سورة الأعراف ولكن تلك مكية، فلذلك كان الإخبار عنهم بضمير الغائب؛ لأن الله تعالى يقص على رسوله ﷺ ما فعل لهم، وأما في هذه السورة - وهي البقرة - فهي مدنية فلهذا كان الخطاب فيها متوجهاً إليهم، وأخبر هناك بقوله: فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا [سورة الأعراف:160] وهو أول الانفجار، وأخبر هاهنا بما آل إليه الحال آخراً وهو الانفجار، فناسب ذكر الانفجار ههنا وذاك هناك، والله أعلم.هذه وجوه الفرق يذكرها العلماء في الكتب التي تُعنى بالمتشابه اللفظي الذي يلتمسون له بعض المحامل من جهة المعنى، وكذلك يذكرها بعض المفسرون الذين يعنون بالجوانب البلاغية أحياناً، كما ذكر ابن عاشور مثلاً في الفروقات بين قوله تعالى في سورة الأنعام في الوصايا العشر: قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا [ سورة الأنعام:151]، وفي سورة الإسراء: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ [سورة الإسراء:23] حيث يقول: الآية التي في سورة الأنعام خطاب للمشركين وهم بعداء غير داخلين في دين الله فهو يناديهم: قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ، وفي سورة الإسراء الخطاب في ظاهره موجه للنبي ﷺ وهو موجه للأمة؛ لأنها خوطبت بشخص قدوته - عليه الصلاة والسلام -: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ أي حكم ووصى ألا تعبدوا إلا إياه، وهكذا يذكر بقية الفروقات في القضايا الأخرى، وهذا تجده في مثل هذه الكتب كثيراً حيث يقارنون بين مقطع ومقطع، أو بين آية وآية.

مرات الإستماع: 0

"اسْتَسْقى طلب السقيا لما عطشوا في التيه."

باعتبار أن السين، والتاء للطلب.

"الْحَجَرَ كان مربعًا ذراعًا في ذراع: تفجر من كل جهة ثلاث عيون، وروي أن آدم كان أهبطه من الجنة، وقيل هو جنس غير معين، وذلك أبلغ في الإعجاز."

هنا لا دليل على أنه بهذا بالقدر: ذراع في ذراع، ولا على أنه نزل من الجنة، فبعض أهل العلم يقولون: الحجر بأن (أل) هذه عهدية بمعنى أنه حجر معين مخصوص معهود كانوا يحملونه معهم، فإذا احتاجوا إلى الماء ضربه بعصاه فانفجرت منه اثنتا عشرة عينًا، ويحتمل كما يقوله بعضهم: بأن (أل) هذه ليست عهدية، وإنما للجنس، الحجر، يعني يضرب حجرًا أي حجر، فتنفجر منه اثنتا عشرة عينًا. 

"فَانْفَجَرَتْ قبله محذوف تقديره: فضربه فانفجرت."

لاحظ هذا الذي سماه فحوى الخطاب من قبل فَانْفَجَرَتْ فضربه فانفجرت، هذا عند الأصوليين يسمى بدلالة الاقتضاء، لكنه هنا الاقتضاء من جهة اللغة فَانْفَجَرَتْ فضرب فانفجرت، من أجل أن يستقيم الكلام، والاقتضاء منه ما هو شرعي، ومنه ما هو عادي يعني في العادة، ومنه ما هو عقلي، ومنه ما هو لغوي، أربعة أنواع.

"مَشْرَبَهُمْ أي: موضع شربهم، وكانوا اثني عشر سبطًا لكل سبط عين."

يعني قبائل.

"كُلُوا أي: من المنّ، والسلوى واشربوا من الماء المذكور."

كُلُوا يعني: قلنا لهم: كلوا. يعني هناك قول مقدر فُهم من السياق. 

مرات الإستماع: 0

قال الله -تبارك وتعالى- معددًا عليهم نعمه: وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ [سورة البقرة:60] واذكروا نعمتنا عليكم حينما كنتم في حال من العطش في تيهكم، فاستسقى موسى دعا ربه وتضرع إليه طالبًا السقيا فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فضرب فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا بعدد القبائل؛ لأن قبائل بني إسرائيل الأسباط كما عرفنا أنهم ذرية يعقوب من بنيه كانوا بهذا العدد، فهم مع يوسف أعني أولاد يعقوب يكملون اثني عشر ولدًا، فكانت منهم القبائل، فالأسباط هم ذرية يعقوب وليسوا أولاد يعقوب مباشرة، وإنما ما تناسل عنهم، هذا الذي ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله[1] وذهب إليه المحققون من المفسرين.

فهنا أمره الله بأن يضرب الحجر بعصاه، هذا العصا التي لما قال الله له: وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى ۝ قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى [سورة طه:17، 18] ينتفع بها أنواع المنافع، ومن المنافع التي حصلت فيما بعد أن الله أمره أن يضرب بعصاه الحجر، هذا الحجر بعضهم يقول: هو حجر خاص كانوا ينقلونه معهم فإذا احتاجوا إلى السقيا والماء ضربه موسى بعصاه فتفجرت منه العيون لبني إسرائيل لا يتزاحمون ولا يتضايقون، ولا يتنافسون على الماء ويصطرعون، وإنما لكل قبيلة عين جارية تجري من هذا الحجر.

وبعضهم يقول: هو حجر غير محدد، فإذا احتاجوا إلى السقيا ضرب حجرًا بهذه العصا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ ما قال: حجرًا، فيحتمل أن تكون هذه (ال) للعهد، حجر معهود، الحجر المعهود لديكم، ويحتمل أن تكون مُعرِّفة، فيصدق ذلك على أي حجر، فالآية تحتمل والله تعالى أعلم، لكن هنا حينما ضرب بهذه العصا، والعلماء -رحمهم الله- تجدون في كلام بعض المفسرين في قوله -تبارك وتعالى: وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى يذكرون فوائد العصا، وبعضهم ألف في ذلك مصنفًا خاصًا، هناك مؤلفات في فوائد العصا وحمل العصا.

على كل حال، ضرب فانفجرت منه اثنتا عشرة عينًا بعدد هذه القبائل، مع أعلام كل قبيلة بالعين الخاصة بهم قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ ومن أجل ألا يحصل التنازع وقيل لهم: كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ على سبيل الله التوسعة والإباحة وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ تنشرون الفساد، وتعملون بمعصية الله -تبارك وتعالى.

فيؤخذ من هذه الآية الكريمة: وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ مشروعية الاستسقاء عند الحاجة إلى الماء، فهذا الاستسقاء يشرع بالصلاة المعروفة صلاة الاستسقاء، ويشرع أيضًا بخطبة الجمعة فقد استسقى النبي ﷺ وهو على المنبر، فكل ذلك مشروع، وهذا يدل على أن هذا الاستسقاء كان في شريعتهم.

وكذلك أيضا في قوله -تبارك وتعالى: وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ تكلمنا في مرة سابقة عن الأسباب، وذلك سبب في غير مظنته ضرب القتيل بجزء من بقرة ميتة فأحياه الله -تبارك وتعالى- وهنا حجر ليس فيه ماء ويضرب بعصا ليست بمادة للماء ولا تعلق لها بالماء، فتنفجر منه هذه العيون بعددهم، مما يدل على قدرة الله -تبارك وتعالى- بإخراج الشيء في غير مظنته إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [سورة يس:82] مياه من حجر.

ويؤخذ منه أيضا: مشروعية فعل السبب، هناك في قتيل بني إسرائيل اضربوه ببعضها، بقرة ميتة لو كانت حية كان قيل سرت له الحياة من حياتها ميتة، أن تذبح ثم يضرب بجزء منها، هنا يضرب حجر، فيخرج منه هذه العيون.

ومريم - رحمها الله - ماذا قال لها؟ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا [سورة مريم:25] امرأة نفساء ضعيفة، أضعف ما تكون المرأة في حال النفاس، وجذع النخلة أصلب الأجذاع، أصلب الجذوع هو جذع النخلة، وأغلظ الجذوع؛ ولهذا يقولون: بأن فرعون لما هدد السحرة وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ [سورة طه:71] ما ذكر شيئا آخر من الأشجار لصلابته وقسوته وشدته، وأيضًا إيلامه، فالذي يصلب يشد بقوة إلى الشيء الذي صلب منه فلو صلب إلى شجرة ملساء، فذلك أسهل لكن إلى جذع النخل فيتألم ظهره، فيكون زيادة في تعذيبه وإيلامه.

وهنا: وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ فهي تساقط إذا أراد الله من غير هز، لكن كما قال بعضهم:

ألم تر أن الله قال لمريم وهزي إليك الجذع يساقط الرطب
ولو شاء أن تجنيه من غير هزه جنته ولكن كل شيء له سبب

الإنسان يبذل الأسباب في الدعوة إلى الله والنتائج إلى الله، يبذل الأسباب في التربية، تربية الأولاد، تربية من تحت يده والنتائج إلى الله.
هذه كالبذور التي تلقى هذه تخرج وهذه لا تخرج، فتجد الولدين لربما التوأم في بيت واحد، والتربية واحدة من بطن واحد، وهذا في غاية القبول والانقياد والسلاسة والهدوء والسكينة والطيبة، والثاني في غاية التمرد ترى ذلك في حماليق عينيه وهو يرضع، يعرف توأم ترى في هذا صباحة الوجوه، والدعة، والسكينة، واللطف، والانقياد والاستجابة، والآخر التمرد وهو في مرحلة الرضاع يعرفه المتفرسون.

الهداية من الله تجد الإنسان يسمع الكلام الكثير، ويدرس، وبيئة طيبة وصالحة في بيته، وفي دراسته، ويدرس لربما حتى في دراسة شرعية، ومع ذلك ترى الأثر ضعيفا، وآخر بعيد يعيش في مكان بعيد، ونبتة ما شاء الله.

فالمقصود هو بذل الأسباب في تعليم، في النصح، في التربية، بذل الأسباب في الدعوة إلى الله -تبارك وتعالى- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنتائج إلى الله.

ويؤخذ من هذه الآية في قوله -تبارك وتعالى: كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ أن الأصل في المأكول والمشروب الإباحة هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا [سورة البقرة:29] فالأصل في هذه الأشياء أنها مباحة للإنسان، خلقها الله للإنسان إلا ما دل الدليل على منعه وتحريمه، هذا في هذه الأشياء التي يتعاطاها الناس، فالأصل في المعاملات الحل، الأصل في الأطعمة الحل.

لكن الأصل في العبادات المنع، من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد[2] فهذا يتلقى من الوحي، ما يأتي كل إنسان بعبادة كل ما يحلو له، ويقول أين الدليل على المنع؟

وذكر بعض أهل العلم قاعدة أيضًا: أن الأصل في الذبائح المنع وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ [سورة الأنعام:121] فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ [سورة الأنعام:118]. وهكذا قالوا: الأصل في الفروج المنع.

ويؤخذ أيضا من قوله: وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا [سورة البقرة:60] هنا ما نزل عليهم مطر من السماء، وإنما نبع الحجر، فالسقيا قد تكون بمطر ينزل، وقد تكون بنبع عين لهم، فهذا كله مما يسقون به، فهنا لم ينزل عليهم مطر من السماء، فالله على كل شيء قدير.

وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ [سورة البقرة:60] مفسدين هذه حال مؤكدة يعني ساعين في الفساد، فهذا حينما جاء به بهذه الصيغة، فذلك يكسو هذا النهي عن الفساد، يعني: شيئا من القوة، ويكون أبلغ أثرا، فلا ينسى، ولا يغفل عنه، والله تعالى أعلم. 

  1.  المسائل والأجوبة (ص: 219).
  2.  أخرجه البخاري، كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، رقم: (2697)، ومسلم، كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، رقم: (1718).