بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
قوله - تبارك وتعالى -: إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا اسم الإشارة راجع إلى القرآن، وهذا هو قول الحافظ ابن كثير وسبقه إلى ذلك ابن جرير الطبري - رحمهما الله – وقال بعض أهل العلم أن اسم الإشارة يرجع إلى أقرب مذكور، باعتبار بأن "هذا" يشار به للقريب، و "ذاك" للمتوسط، و "ذلك" للبعيد. والآية تحتمل المعنيين.
قوله: لَبَلَاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ، المقصود بالبلاغ الكفاية، وخص العابدين بالذكر؛ لكونهم يحصل لهم البلاغ والكفاية، وإلا فالقرآن فيه بلاغ للعالمين لو أنهم أقبلوا عليه وانتفعوا به، وقد قال الله - تبارك وتعالى – عن القرآن: ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ [سورة البقرة:2] مع أنه هدى للجميع، لكن لما كان المتقون هم المنتفعون به خصهم بذلك.