الأربعاء 09 / ذو القعدة / 1446 - 07 / مايو 2025
بَلْ نَقْذِفُ بِٱلْحَقِّ عَلَى ٱلْبَٰطِلِ فَيَدْمَغُهُۥ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ۚ وَلَكُمُ ٱلْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

وقوله: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقّ عَلَى الْبَاطِلِ أي: نبيّن الحق فيدحض الباطل، ولهذا قال: فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ أي: ذاهب مضمحل.

أصل الدمغ في كلام العرب الشجة التي تصل إلى الدماغ، وهي من أنواع الشجاج، فالشجاج أنواع منه ما يقال له: المأمومة: تصل إلى أم الدماغ، ومنه ما يقال له: الموضحة توضح العظم، فالدامغة: هي التي تصل إلى الدماغ، وهذه لا يعيش الإنسان معها عادة، الدامغة تصل الضربة فيها إلى الدماغ، ليس فقط العظم أو الجلد، وإنما تصل إلى الدماغ، فيقال: دمغه أي شجة على دماغه حتى وصل إلى الدماغ، يقال: هذه ضربة دامغة، يعني قاضية، فصار ذلك يستعمل فيما يحصل به إبطال الشيء بالكلية، وقال الله - تبارك وتعالى -: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فيزهقه: يعني يذهبه، تقول: زهقت نفسه، زهقت روحه يعني ذهبت، فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ أي: ذاهب مضمحل باطل، وذلك بما في هذا القرآن من الحجج والبراهين، وبيان دلائل التوحيد، وبطلان ما يخالفه ويناقضه من الشبهات، والترّهات، وما يتشبث به هؤلاء من المبطلين، ممن نسبوا لله الصاحبة أو الولد، وعبدوا غيره، بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ، يقول: وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ مما يضيفونه إلى الله من الشركاء الذين يعبدونهم، فتضمن هذا القرآن من الحجج والبراهين ما يجلي به ويبطل به كل باطل.

وَلَكُمُ الْوَيْلُ أي: أيها القائلون: لله ولد، مِمّا تَصِفُونَ أي: تقولون وتفترون.

كل الذين يصفون ويقولون هذه الأباطيل، ويدعون أن لله ولداً أو صاحبة هذه الدعاوى الكاذبة هم داخلون في هذا، كل من جعل لله شريكاً، أو صاحبة أو ولداً، والله أعلم.