يقول أهل العلم من المعاصرين: إن اليابسة تبلغ ما يقرب من الثلث أو أقل من الثلث، يعني يقولون: إن الماء يصل إلى حدود 72 - مع بعض الكسر - في المائة من مساحة الأرض، وإن الباقي هو اليابسة.
يقول: وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ يعني الجبال، أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ أي: لئلا تميد بهم، أَنْ تَمِيدَ أي: كراهة أن تميد بهم، أو لئلا تميد بهم، وأصل الميد هو التحرك والدوران، فجعلها أوتاداً، كما قال الله : وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا [سورة النبأ:7]، فهي مثل المسامير تمسك الأرض من أجل أن لا تضطرب ولا تتحرك، {وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا} [سورة النازعات:32].
الضمير في قوله: وَجَعَلْنَا فِيهَا يرجع إلى أقرب مذكور، وأقرب مذكور هو الرواسي، وَجَعَلْنَا فِي الأرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا، ولهذا ذهب كثير من المفسرين إلى أن المراد وَجَعَلْنَا فِيهَا أي: في الرواسي في الجبال، جعل فيها فجوات بحيث ينتقل الناس من خلالها ويعبرون منها، وبعضهم يقول: الضمير يرجع إلى الأرض، وَجَعَلْنَا فِيهَا أي: في الأرض، فِجَاجاً سبلاً، جعل فيها طرقاً يسلكها الناس ويسيرون عليها، ينتقلون في مصالحهم وحاجاتهم.
كلام ابن كثير واضح أن الضمير يرجع إلى أقرب مذكور وهو الجبال، وَجَعَلْنَا فِيهَا أي: في الجبال، فيجعل فيها بين هذه الجبال فجوات بحيث ينتقل الناس ويسيرون، وكل مخترق بين جبلين كما يقول بعض أهل معاني القرآن فهو فج، كل مخترق بين جبلين يقال له فج، وبعضهم يفسر الفجاج بالمسالك، فإذا فسر قوله - تبارك وتعالى -: وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً أي: في الجبال في الرواسي فيكون بما يوجد من الفجوات التي يمر بها الناس، وإذا قيل بأن ذلك يرجع إلى الأرض باعتبار أن الحديث كان عنها وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا، فجعل في الأرض رواسي، وجعل فيها فجاجاً، فيكون المقصود في الأرض هذه الفجاج الطرق التي يسلكها الناس، لكن إذا قيل: بأن أصل الفج في اللغة هو كل مخترق بين جبلين، فيكون وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً يعني بين هذه الجبال التي أرساها، وهذا القول بينه وبين القول الآخر - إنها الأرض - نوع ملازمة، فإذا جعل بين هذه الجبال فجاجاً فإن هذه الجبال في الأرض، فيكون قد جعل في هذه الأرض فجاجاً سبلاً، قال: لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ يعني إلى مصالحهم وحاجاتهم، ومعايشهم، وما إلى ذلك.