قوله - تبارك وتعالى -: فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ هذه تتضمن شروط قبول العمل الثلاثة، وهي: الإخلاص، والمتابعة، وأن يكون ذلك على قاعدة الإيمان، الدين الصحيح – التوحيد الخالص -، فإنه إذا اختل شرط من هذه الشروط فإن العمل لا يقبل، والله يقول في أول سورة الكهف: وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ [سورة الكهف:2]، هذا الشرط الأول، والشرط الثاني في قوله: الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ [سورة الإسراء:9]، العمل الصالح: وهو العمل الخالص الصواب الذي تابع فيه العامل النبي ﷺ، فلو جاء إنسان على غير عقيدة التوحيد، فلو جاء يهودي أو وثني، أو رجل يعبد القبور، ويذبح لها ويدعوها من دون الله، وعمل عملاً يريد به وجه الله، وتابع فيه النبي ﷺ، فجاء وصلى صلاة كما صلى النبي ﷺ يريد بها وجه الله، أو تصدق بصدقة يريد بها وجه الله، فإن الله - تبارك وتعالى - لا يتقبل ذلك العمل منه؛ لأنه اختل شرط وهو الإيمان الصحيح، وقال سبحانه: فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [سورة الكهف:110].
وفي قوله - تبارك وتعالى -: فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ، هذا كما قال الله : أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى [سورة آل عمران:195]، فالأعمال عنده لا تضيع، فهو يجزئ بالحسنات إحساناً ويضاعف ذلك، وهذا من معاني اسمه الشكور، فيشكر العبد بالثواب ويجازيه ويضاعف له ذلك.