السبت 19 / ذو القعدة / 1446 - 17 / مايو 2025
فَتَعَٰلَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ ۖ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْكَرِيمِ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"وقوله: فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ [سورة المؤمنون:116] أي: تقدَّس أن يخلق شيئاً عبثاً فإنه الملك الحق المنزه عن ذلك، لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ فذكر العرش لأنه سقف جميع المخلوقات، ووصفه بأنه كريم أي: حسن المنظر، بهي الشكل كما قال تعالى: فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ [سورة لقمان:10]".

هذه قراءة السبعة بل عامة العشرة رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ فيكون الكريم هنا صفة للعرش، وفي قراءة أبي جعفر من العشرة بالرفع رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمُ فيكون الكريم صفة الله  للرب، كما سبق في القاعدة أن تعدد القراءات بمنزلة تعدد الآيات، فعلى هذه القراءة يكون الكريم صفة للعرش وصفوه بأنه الكريم، وفي القراءة الثانية يكون ذلك من صفة الله كما في قوله تعالى: ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ [سورة البروج:15]، وفي القراءة الأخرى الْمَجِيدِ، هنا في كلام الحافظ ابن كثير - رحمه الله - في تفسير الكريم، قال: ووصفه بأنه كريم أي حسن المنظر، بهي الشكل؛ كما قال تعالى: فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ في الموضعين لا يفسر الكريم بهذا التفسير الحاصر له فيما يتعلق بالشكل، والصورة، فإن هذا أحد المعاني الداخلة فيه، فإن الكريم أوسع من هذا لا يختص ذلك فقط بهيئته، وصورته الظاهرة؛ وإنما المعنى أوسع، فالمقام الكريم هو المكان الحسن الواسع أيضاً الذي لا تنغيص فيه، ولا منة فيه، ولا أذى إلى غير ذلك من المعاني، والطعام الكريم هو المستلذ، أو حسن المنظر الذي لا تنغيص فيه، ولا منة فيه، كل هذه المعاني داخلة فيه، قد يكون حسن الصورة لكنه غير جيد الطعم، وقد يكون جيد الطعم لكنه غير مستساغ في صورته، وهيئته تنفر منه النفوس، وقد يكون فيه منَّة تنغص ذلك على آكله مثلاً، وحينما يقال: الْعَرْشِ الْكَرِيمِ فإن ذلك يدخل فيه الصورة، ويدخل فيه أيضاً من جهة المعنى، يعني المادة التي خلق منها، والأوصاف التي تختص به مما يصلح لمثله كل هذا داخل فيه، يعني لا يختص فقط بالصورة الظاهرة بالشكل، المعنى أوسع من ذلك - والله أعلم - على سبيل المثال مع الفارق الكبير حينما يقال: الأحجار الكريمة، هل هذا يرجع إلى صورتها فقط؟، لمادتها، لاحظتَ في التقريب المعنى مع الفارق، تقريب للمعنى، فإذاً هذه اللفظة لا تختص بالصورة إنما هي أبلغ من ذلك.