الأربعاء 28 / ذو الحجة / 1446 - 25 / يونيو 2025
ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا ۖ كُلَّ مَا جَآءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ ۚ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُم بَعْضًا وَجَعَلْنَٰهُمْ أَحَادِيثَ ۚ فَبُعْدًا لِّقَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"قوله: ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا [سورة المؤمنون:44] قال: ابن عباس يعني يتبع بعضهم بعضاً، وهذا كقوله تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ [سورة النحل:36]، وقوله: كُلَّ مَا جَاء أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ [سورة المؤمنون:44] يعني: جمهورهم، وأكثرهم، كقوله تعالى: يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُُون [سورة يس:30].

وقوله: فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُم بَعْضًا [سورة المؤمنون:44] أي: أهلكناهم، كقوله: وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوحٍ [سورة الإسراء:17].

وقوله: وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ [سورة المؤمنون:44] أي: أخباراً، وأحاديث للناس، كقوله: فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ [سورة سبأ:19]".

أحاديث جمع أحدوثة وهو ما يتحدث به أي: يتحدث الناس في مجالسهم عن خبرهم، وما حل بهم من عذاب الله ونقمته، وما نزل بساحتهم من النكال، والعذاب المستأصل، فصاروا خبراً بعد عين، وصار الناس يتحدثون بهم للاعتبار أو التسلية، وهذا يقال في الغالب لمن وقع به النكال فصار عبرة.

ومن أهل العلم كابن جرير - رحمه الله - من يقول: وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ إنما يكون ذلك لمن حل به المكروه، فيكون عبرة لغيره، ولا يقال لمن حل به النعمة، والأمر المحبوب، وهذا ليس محل اتفاق، فبعض أهل العلم من يقول غير هذا، فالإنسان يكون أحدوثة بعدما يفارق، ويموت، فكُن أحدوثةً يتحدث الناس فيها بخير.