الجمعة 04 / ذو القعدة / 1446 - 02 / مايو 2025
أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا۟ رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُۥ مُنكِرُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"ثم قال منكراً على الكافرين من قريش: أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ [سورة المؤمنون:69] أي: أَفَهُم لا يعرفون محمداً، وصدقه، وأمانته، وصيانته التي نشأ بها فيهم؟ أي: أفيقدرون على إنكار ذلك والمباهتة فيه؟".

قوله: أَمْ جَاءهُم مَّا لَمْ يَأْتِ آبَاءهُمُ الْأَوَّلِينَ [سورة المؤمنون:68] "أم" هي المنقطعة بمعنى بل، وهذا إنكار عليهم، والنبي ﷺ ليس ببدع من الرسل، هذا أقرب، وأولى.

وقوله: أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ [سورة المؤمنون:69]، فـ "أم" هي المنقطعة، وتتضمن الإنكار على هؤلاء، فلم يأتهم بأمر لا عهد لهم به، ولم يأتهم نكرة من الناس لا يعرفونه، وقد عاش الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - بين أظهر قومهم قبل أن ينزل إليهم الوحي، وقد قال تعالى: فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ [سورة يونس:16]، فلم يأتوا من مكان آخر لا يعرفه قومهم، وإنما نشئوا بينهم، وعرفوا أخلاقهم، وصدقهم، وقد كان أهل قريش يلقبون النبي ﷺ بالصادق الأمين.

"ولهذا قال جعفر بن أبي طالب للنجاشي ملك الحبشة: "أيها الملك! إن الله بعث فينا رسولاً نعرف نسبه، وصدقه، وأمانته"، وهكذا قال المغيرة بن شعبة لنائب كسرى حين بارزهم، وكذلك قال أبو سفيان صخر بن حرب لملك الروم هرقل حين سأله وأصحابَه عن صفات النبي ﷺ، ونسبه، وصدقه، وأمانته، وكانوا بعدُ كفاراً لم يسلموا، ومع هذا لم يمكنهم إلا الصدق، فاعترفوا بذلك".