الجمعة 15 / محرّم / 1447 - 11 / يوليو 2025
وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱلْحَىِّ ٱلَّذِى لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِۦ ۚ وَكَفَىٰ بِهِۦ بِذُنُوبِ عِبَادِهِۦ خَبِيرًا

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"ثم قال تعالى: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ أي: في أمورك كلها كُن متوكلاً على الله الحي الذي لا يموت أبداً، الذي هو الأوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [سورة الحديد:3] الدائم الباقي، السرمدي الأبدي، الحي القيوم، ربّ كل شيء ومليكه، اجعله ذُخْرك وملجأك، وهو الذي يُتَوكل عليه، ويفزع إليه، فإنه كافيك، وناصرك، ومؤيدك، ومظفرك كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ [سورة المائدة:67]".

في قوله - تبارك وتعالى - هنا: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ ذكر الحي ما قال: توكل مثلاً على العزيز، في هذا الموضع هنا ذكر الحي، فذكْرُ الحياة له مغزى وهو أن التوكل على المخلوقين لا يجدي على صاحبه شيئاً؛ لأنهم يموتون، فإذا اعتمدت على مخلوق ضعيف، ثم مات هذا المخلوق، وانتهى، ولم يبق له معتمد، ولا مستند، ولا ناصر، فينقطع ذلك الحبل الذي استوثق به، وتمسك به، ولكنه إذا كان توكله على الحي الذي لا يموت فإن الله - تبارك وتعالى - يكون له معيناً، ونصيراً، ومُخلِّصاً في كل الأحوال.

"وقوله تعالى: وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ أي: اقرن بين حمده، وتسبيحه؛ ولهذا كان رسول الله ﷺ يقول: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك[1] أي: أخلِص له العبادة، والتوكل، كما قال تعالى: رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً [سورة المزمل:9]، وقوله تعالى: فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ [سورة هود:123]، وقال تعالى: قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا [سورة الملك:29]".

يعني هذه المعاني يحتاج إليها الإنسان، ونحن نغفل عنها، يعني الله يأمره بالتوكل قال: وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ فيرتبط الإنسان مع هذه الأمور، التوكل يكون قائماً بالقلب، تصدقه أحوال الإنسان، ومزاولاته، وأيضاً مع هذا التوكل يكون مشتغلاً بتسبيحه وتحميده، سبحان الله وبحمده، يردد هذا ويكثر منه، وتجد في القرآن أشياء من هذا القبيل كثيرة نغفل عنها مع أننا نقرؤها كثيراً، ولكنها ذات أثر بالغ في تحقيق المطلوب في هذه المعاني - والله تعالى أعلم -.

"وقوله: وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا أي: لعلمه التام الذي لا يخفى عليه خافية، ولا يعزب عنه مثقال ذرة".
  1. رواه البخاري، كتاب الأذان، باب الدعاء في الركوع، برقم (794)، وبرقم (817) في كتاب الأذان، باب التسبيح والدعاء في السجود، ومسلم، كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (484).