وأيضاً يعني الضلال أصله هو الذهاب عن حقيقة الشيء كما قال إخوة يوسف لأبيهم يعقوب - عليه الصلاة والسلام -: إِنَّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ الْقَدِيمِ [سورة يوسف:95] يعني: ذهابك عن الحق في شأن يوسف، وهو ليس المقصود به الضلال عن الحق مطلقاً وإلا كانوا كفاراً بذلك إِنَّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ الْقَدِيمِ، وهكذا في قوله - تبارك وتعالى -: وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ [سورة السجدة:10] يعني إذا ذهبنا فيها، وانساحت أجسادنا، وتحللت، فالذهاب عن حقيقة الشيء يقال له: ضلال، فهنا الله - تبارك وتعالى - يقول: فَضَلُّوا يعني حينما قالوا هذه الأقوال بأن هذه أساطير الأولين اكتتبها، واتهموه بما اتهموه به، وطالبوه بأمور لم توكل إليه، ولم يُبعث من أجل أن يطالب بمثل هذه المطالب: يلقى إليه كنز، أو يأتي معه ملك، أو يفعل كذا، فضلوا فذهبوا عن حقيقة ما جاء به، وأطلقوا هذه الأقاويل، والأوصاف، والأحكام الكاذبة الجائرة التي لم يصيبوا فيها حقيقة ما جاء به، ووصفوه بالسحر، وهو أبعد شيء عما جاء به الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - يعني: النبي في طرف، والساحر في طرف - والله المستعان -.