الأحد 11 / ذو الحجة / 1446 - 08 / يونيو 2025
قَالَ نَكِّرُوا۟ لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِىٓ أَمْ تَكُونُ مِنَ ٱلَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ ۝ فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ ۝ وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ ۝ قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [سورة النمل:41-44].

لما جيء سليمان بعرش بلقيس قبل قدومها؛ أمر به أن يُغَيَّر بعض صفاته ليختبر معرفتها، وثباتها عند رؤيته، هل تقدم على أنه عرشها، أو أنه ليس بعرشها، فقال: نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ قال ابن عباس: "نزع عنه فصوصه، ومرافقه"، وقال مجاهد: "أمر به فغير ما كان أحمر جعل أصفر، وما كان أصفر جعل أحمر: وما كان أخضر جعل أحمر، غيَّر كل شيء عن حاله"، وقال عكرمة: "زادوا فيه ونقصوا"، وقال قتادة: "جعل أسفله أعلاه، ومقدمه مؤخره، وزادوا فيه، ونقصوا"".

هذه التفاصيل لا دليل عليها، ولكن قال: نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا يعني: حصل فيه شيء من التغيير لم يتركه على حاله كما هو، والعلة في ذلك هو ما ذكره من قوله: نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ، قوله: نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي: الأقرب أن المقصود تهتدي إلى معرفته، ولهذا سألها: أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ، وبعضهم يقول: تهتدي إلى الإيمان، وهذا لا يخلو من بعد؛ لأن المقام مقام اختبار وسؤال عن عرشها لم يتطرق معها إلى شيء مما يتصل بدعوتها أو نحو ذلك، إنما سألها عن العرش أَهَكَذَا عَرْشُكِ فـنَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي يعني إلى معرفته، هذا هو الأقرب - والله أعلم -.