"وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ [سورة النمل:45-47].
يخبر تعالى عن ثمود وما كان من أمرها مع نبيها صالح حين بعثه الله إليهم، فدعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ قال مجاهد: مؤمن، وكافر كقوله تعالى: قَالَ الْمَلأ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ [سورة الأعراف:75-76]".
فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ هذا الأقرب، والقرآن يدل عليه كما في هذه الآية أن بعض قوم صالح - عليه الصلاة والسلام - أسلم، ومن نظر في خبرهم في التاريخ رأى أشياء كثيرة من هذا القبيل، وما حصل بينهم من المجاوبة والمحاورة، وما جرى من كبراء قوم صالح - عليه الصلاة والسلام -، الشاهد أن بعضهم أسلم كما يدل عليه القرآن، ولا حاجة لأن يقال: إذا هم فريقان: الفريق الأول هو صالح - عليه الصلاة والسلام -، والفريق الآخر هم قومه؛ لأن مِن قومه مَن أسلم: قَالَ الْمَلأ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ وهذه عادة الرسل - عليهم الصلاة والسلام - يأتون إلى قومهم فيدعونهم إلى التوحيد، فيستجيب من شاء الله هدايته، فينقسم هؤلاء القوم إلى مؤمنين وكفار، والله سمي هذا القرآن بالفرقان؛ لأنه يفرق به بين الحق والباطل، والنبي ﷺ فرق بين الناس، فافترق قومه إلى مؤمنين وكفار، وإبراهيم - عليه الصلاة والسلام - تبرأ من أبيه، وقومه.