والمراد بالأذى في قوله: لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى يعني كأن يُسمعوكم ما تكرهون في نبيكم، وكتابكم، وتسمعون منهم ما تكرهون في عيسى - عليه الصلاة والسلام -، وفي أمِّه، وما إلى ذلك من القبائح التي تسمعونها منهم.
والأذى والضرر بينهما فرق فالله يقول في الحديث القدسي: إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني[1]، ومع ذلك يقول في كتابه الكريم: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [سورة الأحزاب:57]، ويقول في الحديث القدسي الآخر: يؤذيني ابن آدم[2] وذلك أن الأذى يمكن أن يوصله الإنسان إلى الله - تبارك وتعالى - كالذي ينسب إليه الصاحبة، والولد، ويشرك بالله ، ويكذب عليه وما أشبه ذلك، فهذا من الأذى، لكن الضرر أبلغ من الأذى، فلا يستطيع أحد أن يلحق الضرر بالله - تبارك وتعالى -، فالله - تبارك وتعالى - يقول هنا: لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى [سورة آل عمران:111] فالأذى ليس بضرر وإنما هو دونه، ومعنى الآية: لن يصلوا إليكم بما يحبون من النكاية، والقتل وما أشبه ذلك، ولكنه أذى بما تكرهون سماعه حيث يسمعونكم ما تكرهون من قالة السوء ونحو هذا فحسب، فلن يصل الأمر إلى أبعد من ذلك مما يكون أثره في الواقع من النيل منكم، وإصابة أهل الإيمان بالقتل ونحوه.
- أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب - باب تحريم الظلم (2577) (ج 4 / ص 1994).
- أخرجه البخاري في كتاب التوحيد - باب قول الله تعالى: يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ [(15) سورة الفتح] (7053) (ج 6 / ص 2722) ومسلم في كتاب الألفاظ من الأدب وغيرها - باب النهي عن سب الدهر (2246) (ج 4 / ص 1762).