في قوله: فَلَن يُكْفَرُوْهُ هذا الفعل "يكفروه" عداه إلى مفعولين مع أنه لا يتعدى إلا إلى مفعول واحد تقول: كفر بكذا، لكن قال هنا: فَلَن يُكْفَرُوْهُ فالمفعول الأول يرجع إليهم، والمفعول الثاني يرجع إلى العمل الذي عملوه، وفي مثل هذه الحال يمكن أن يقال: إنه قد ضُمِّن معنى فعل آخر يصح أن يُعدَّى إلى مفعولين مثل الحرمان أي: وما يفعلوا من خير فلن يحرموه تقول مثلاً: حرمت زيداً حقه، فصار متعدياً إلى مفعولين بخلاف كفَر فالأصل أنه يُعدَّى إلى مفعول واحد، فلما عدي إلى مفعولين دلَّ ذلك على أنه قد ضمن معنى فعل آخر يصح أن يعدَّى إلى مفعولين وهو الحرمان، فيكون المعنى فلن يحرموه، أي أن هؤلاء يقع لهم وعد الله بأن لا يجحد عملهم، وإحسانهم، ولن يحصل لهم شيء من الحرمان من الأجر مما عملوا من الصالحات، والله أعلم.
وهذه الآية: وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوْهُ [سورة آل عمران:115] فيها قراءة أخرى متواترة هي: وما تفعلوا من خير فلن تكفروه.
وهذه الآية على قراءة التاء وما تفعلوا من خير فلن تكفروه يكون الخطاب فيها موجهاً إلى عموم هذه الأمة يعني أن الله تعالى أثنى على الذين آمنوا من أهل الكتاب، ثم خاطب عموم الأمة، وأما على القراءة الأولى: وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوْهُ فواضح أن المقصود بهم أهل الكتاب.