وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ أي: ليس عندكم في شيء منه شك ولا ريب، وهم عندهم الشك والريب، والحَيرة".
قوله: وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ يمكن أن يكون الكتاب هنا اسم جنس، وكما في أصول الفقه وفي أصول التفسير أن المفرد - اسم الجنس - قد يراد به العموم، وهذا من أمثلته، وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ ومثل ذلك المفرد المضاف إلى معرفة سواء كان المضاف إليه ضميراً، أو كان اسماً ظاهراً، وقد يأتي المفرد مراداً به الجمع إذا كان اسم جنس، فالله يقول: أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء [سورة النور:31] يعني أو الأطفال، وقوله: وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ [سورة آل عمران:119] أي بالكتب كلها قال تعالى: كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ [سورة البقرة:285].
وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ [سورة آل عمران:119] والأنامل أطراف الأصابع قاله قتادة، وهذا شأن المنافقين يظهِرون للمؤمنين الإيمان، والمودّة؛ وهم في الباطن بخلاف ذلك من كل وجه كما قال تعالى: وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ [سورة آل عمران:119] وذلك أشد الغيظ والحنق قال الله تعالى: قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [سورة آل عمران:119] أي: مهما كنتم تحسدون عليه المؤمنين، ويغيظكم ذلك منهم؛ فاعلموا أن الله متم نعمته على عباده المؤمنين، ومكمل دينه، ومُعْلٍ كلمتَه، ومظهر دينَه، فموتوا أنتم بغيظكم إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [سورة آل عمران:119]".