في قوله تعالى: إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا [سورة آل عمران:120] فرّق هذا التفريق فعبر بالمس في الحسنة، وعبر بالإصابة في السيئة؛ إشارة إلى أن الكفار يستاءون، ويحزنون إن حصل للمؤمنين أدنى خير، فهم لا يريدون أن يقع للمؤمنين خير قليل ولا كثير، وأما في السيئة فإنهم لا يفرحون إذا وقع لهم شيء يسير من المكاره، وإنما الذي يسرهم هو وقوع المكاره الجَزْلة، والنكايات، والمصائب العظيمة، وهكذا هو حال المبغض المعادي، ولذلك فإن عداوتنا للكفار تقتضي أن نستاء من ارتفاع مؤشر العملات عندهم، أو سوق الأسهم؛ ولو شيئاً يسيراً، وأما في المصائب فنحن نسأل دائماً، ونتطلع أن تكون المصيبة جَزْلة، ونفرح لما يقع لهم من الكوارث، والمصائب، والدواهي العظام، ونستبشر بهذا، ونتمنى أن تكون آثارها مدمرة، وأن الخسائر قد بلغت غايتها، ولا نفرح بالمصائب اليسيرة التي تقع لهم، وهذا هو حال المتعادين عادة، فهم لشدة عداوتهم لأهل الإيمان يفرحون بالمصائب التي تقع لهم، وهي ذات وقع، واعتبار، ونكاية.