يعني وإن كان وقع منهم هذا النقص حيث هموا بالانصراف إلا أن هذه تزكية لهم، وشهادة أن ولاءهم لله ، ولم يكن ولاؤهم للكفار، أو للمنافقين، أو أن ولاءهم مطعون فيه، فليسوا بمنافقين وإنما وقع لهم شيء من الضعف حيث هموا بالرجوع إلى المدينة، ولكن الله ثبتهم، وهذه الشهادة هي التي قال فيها أبو سفيان: "ما يسرني أنها لم تنزل، لقول الله: وَاللّهُ وَلِيُّهُمَا [سورة آل عمران:122]".
وفي قوله تعالى في سورة الأحزاب: وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ [سورة الأحزاب:15] كثير من المفسرين يقولون: المراد به بنو حارثة، وبنو سلمة؛ الذين قال الله فيهم هنا: إِذْ هَمَّت طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ [ سورة آل عمران:122] فهم تابوا من هذا، وعاهدوا الله أن لا يقع ذلك منهم، ثم لما كان في يوم الخندق كان بعضهم يتنصل، ويعتذر، ويقولون: إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ [سورة الأحزاب:13] حيث إنها مكشوفة خارج الخندق مما يلي ناحية مسجد القبلتين أي خارج الخندق، والخندق مباشرة تحت الجبل المعروف الآن بجبل سلع في السيح، فهم يقولون: هي مكشوفة للعدو، فكان بعضهم يتنصل، وإن شئت فقل ضعفاء الإيمان، والمنافقون.