في قوله تعالى: لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ ابن كثير - رحمه الله - ذكر معنىً عام أي أنه أمركم بالجهاد ليقطع طرفاً من الذين كفروا.
وبعض أهل العلم يربط ذلك بكلام قبله فيقول: إنه متعلق بقوله: ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة ليقطع طرفاً من الذين كفروا، وذلك بما حصل من قتل سبعين منهم، وأسرِ سبعين، وهذا الذي اختاره كبير المفسرين ابن جرير الطبري - رحمه الله - أي أنه متعلق بقوله: ولقد نصركم الله ببدر أي إن الذي حصل في بدر من الانتصار كان من أجل أن يقطع طرفاً من الذين كفروا، وبهذا الاعتبار يكون ذلك مختصاً ببدر، لكن على كلام ابن كثير المعنى أعم من هذا، وهو أن الله أمر بالجهاد من أجل حكم بالغة، ومنها ليقطع طرفاً من الذين كفروا أو يكبتهم فينقلبوا خائبين، فلا يحصل مقصودهم.
ومن أهل العلم من يقول: إنه متعلق بقوله: وما النصر إلا من عند الله ليقطع طرفاً، وهذا القول أبعد من الأول، والله تعالى أعلم.
وبعضهم يقول: إنه متعلق بالإمداد بالملائكة، أي يمددكم ربكم بهؤلاء الملائكة ليقطع طرفاً من الذين كفروا، وعلى كل حال الآيات: وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ [سورة آل عمران:123]، إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ [سورة آل عمران:124] وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ [سورة آل عمران:126]، وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ [سورة آل عمران:126] لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ [سورة آل عمران:127] فالذين قالوا: إنه متعلق بقوله: وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ [سورة آل عمران:126] وصلوها بالتي قبلها مباشرة، أي وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم ليقطع، وأقرب هذه المعاني - والله تعالى أعلم - هو الأول؛ لأن ما ذكر بعده إنما هو تكملة، وهو بمنزلة الشرح له، أي: ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة، إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم، وما جعله الله إلا بشرى، ثم قال: حصل كل هذا ليقطع طرفاً من الذين كفروا.
"ليهلك أمة" يعني طائفة أي فريقاً من الكفار.
الكبت هو الخزي، والحزن أي: إنه يخزيهم، ويحزنهم بما يقع لهم من المصائب.