في قوله تعالى: وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [سورة آل عمران:139] يمكن أن يكون قوله: إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ متعلقاً بقوله: وَلاَ تَهِنُوا أي: لا تهنوا، ولا تحزنوا إن كنتم مؤمنين, فإن المؤمن يصبر، ويثبت، ويرضى بما قدره الله عليه، ويستشعر هذه المعاني.
وبعض أهل العلم يقول: إنه يتعلق بقوله: وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ أي: ولا تهنوا، ولا تحزنوا فإنكم الأعلون إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ يعني أن هذا الوصف - من كونهم أعلى من الكفار وإن هُزموا - إنما يكون إذا كانوا محققين للإيمان.
ومثل ابن جرير الطبري - رحمه الله - يقول: إن قوله: إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ أي إن كنتم مصدقين لرسولي فيما أخبركم به من النصر، والظفر، وأن العاقبة لكم، وما يئول إليه أمركم؛ لأن العبرة إنما هي في المآل، والنهايات، وأما ما يعرض للناس من هزيمة، وانكسار في بعض الأحيان؛ فذلك لا يعني أنه نهاية المطاف، وكما هو معلوم فإن الرسل - كما في حديث هرقل مع أبي سفيان - تارة يدالون، وتارة يدال عليهم، فالحرب سجال، لكن النهاية والعاقبة تكون لأتباع الأنبياء وللأنبياء - عليهم الصلاة والسلام -.
وعلى كل حال مثل هذا الأسلوب وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [سورة آل عمران:139] يستعمل عادة للتحريض، والتحضيض، وهذا كثير في القرآن، وتقول: إن كنت ابن الكرام فافعل كذا، فالله يأمرهم، أو ينهاهم، ثم يقول: إن كنتم مؤمنين فامتثلوا ذلك، فهنا قال: وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [سورة آل عمران:139]، والله تعالى أعلم.