"وَما كانَ لِنَبِيءٍ [آل عمران:161] قال: هو من الغلول، وهو أخذ الشيء خفيةً من المغانم، وغيرها، وقُرئ بفتح الياء، وضم الغين، ومعناه تبرئة النبي ﷺ من الغلول، وسببها أنه فُقدت من المغانم قطيفةٌ حمراء، فقال بعض المنافقين: لعل رسول الله ﷺ أخذها، وقُرئ بضم الياء، وفتح الغين، أي ليس لأحد أن يغُل نبيًا أي يخونه في المغانم، وخُص النبي بالذكر، وإن كان ذلك محظورًا مع الأمراء لشنعة الحال مع النبي؛ لأن المعاصي تعظم بحضرته، وقيل: معنى هذه القراءة أن يوجد غالًّا كما تقول: أحمدت الرجل إذا أصبته محموداً، فعلى هذا القول يرجع معنى هذه القراءة إلى معنى فتح الياء".
فقوله: "وَما كانَ لِنَبِيءٍ" بالهمزة على قراءة نافع باعتبار أنها القراءة التي بنى عليها الكتاب.
وهو من الغلول وَما كانَ لِنَبِيءٍ هنا الأصل أن تكون الآية متضمنةً لذلك، يعني أن يكون فيها وَما كانَ لِنَبِيءٍ أَنْ يَغُلَّ وهو لم يذكر هذا الجزء في الآية، وهو يفسره، يقول: "هو من الغلول، وهو أخذ الشيء خفيةً من المغانم، وغيرها" فالأخذ من الغنيمة قبل أن تُقسم يُقال له: غلول، ويُستعمل بإطلاقٍ أوسع على الأخذ من الأموال العامة بغير وجه صحيح؛ ولهذا جاء الحديث: هدايا العُمّال غلول لكن المعنى الأخص هو الأخذ من الغنيمة قبل أن تُقسم.
يقول: "وقُرئ بفتح الياء، وضم الغين" يَغُل، وهي القراءة التي نقرأ بها، وهي قراءة عاصم، وأبي عمرو، وابن كثير، وقراءة الجمهور بالضم، أي يُغَل، ومعنى هذه القراءة بالفتح التي نقرأ بها، أي: يَغُل تبرئة النبي ﷺ من الغلول وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ يعني لا يمكن أن يصدر منه ذلك، وهذا الذي قاله ابن عباس، وجماعة من السلف كمجاهد، والحسن وهو اختيار الحافظ ابن كثير - رحمه الله - أي أنه تنزيه للرسول ﷺ من هذا العمل القبيح وَما كانَ ونفي ذلك عنه لا يقتضي الوقوع، أو لا يقتضي إمكان الوقوع في بعض صوره، كما في المضاف إلى الله - تبارك، وتعالى - كما هي القاعدة، كقوله: مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ [مريم:35].
قال: "وسببها أنه فُقدت من المغانم قطيفةٌ حمراء" يعني يوم بدر "فقال بعض المنافقين" الوارد في الرواية: فقال بعض الناس ومعروف أن يوم بدر لم يكن فيه من المنافقين أحد، "فقال بعض الناس: لعل رسول الله ﷺ أخذها" قال: "فأكثروا في ذلك، فأنزل الله" وهنا لم يذكر هذا الجزء من الرواية، وهو في غاية الأهمية؛ لأنه مُصرّح بسبب النزول، قال: "فأكثروا في ذلك، فأنزل الله: وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ" سبب النزول هذا مروي عن ابن عباس - ا - وقد أخرجه بعض أصحاب السنن، وحسّنه السيوطي وصححه الألباني وضعّفه آخرون، كالمُنذري والمُناوي فالمناوي أنكر على السيوطي تحسينه، وقال: بأنه اغتر بتحسين الترمذي؛ لأن الترمذي قال: "حسنٌ صحيح" والحديث أخرجه أبو داود والترمذي وإسناده لا يخلو من ضعف، فيه رجل ضعيف يُقال له: خُصيف، وكذلك في السند اضطراب.
فإن صح أن هذا هو سبب النزول وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ فالآيات تتحدث عن غزوة أُحُد، وهذه الواقعة بناءً على هذه الرواية حصلت في يوم بدر، وكون هذا صدر من بعض الناس، هنا قال: "بعض المنافقين" والرواية: "بعض الناس" كما سبق أن يوم بدر لم يكن معهم أحد من المنافقين، فيكون - إن صحّت الرواية - قد صدر ذلك عمّن صدر عنه من غير قصد الإساءة إلى النبي ﷺ - والله أعلم - وذلك أنه في بدر لم تنزل أحكام الغنيمة؛ ولهذا حصل بينهم التنازع في الغنيمة، فنزلت: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ [الأنفال:1] الآيات فرُبما ظنوا أنه يسوغ للنبي ﷺ أن يأخذ ما شاء من الغنائم، وكذلك يسوغ لغيره.
قال: "وقُرئ بضم الياء، وفتح الغين" (يُغَل) يعني يُنسب إلى الخيانة، إلى هذا الفعل، وهو الغلول، وبعضهم يُفسر هذا: وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يُغَلَّ يعني ما كان لنبيٍ أن يُغِلَّه أحد، فالقراءة الأولى: يَغُلَّ يعني أن تقع منه الخيانة، وعلى قراءة: يُغَلَّ أي يُغلّه أحد، أي ينسبه إلى الخيانة، فعلى هذا التفسير الثاني فإن هذه القراءة ترجع إلى معنى القراءة الأولى، يعني الأولى تنزيهٌ له عن الغلول، والثانية زجرٌ عن نسبته إلى الغلول، فالكل يرجع إلى التنزيه، ولا شك أنه على هذا المعنى في القراءة الأخرى زيادة في المعنى، الأول الله يُنزهه، والثاني يكون ذلك زجرًا للناس عن نسبته إلى الغلول، أي: أن يُغِلَّه أحد، إلا إذا قيل: بمعنى "أن يُغِلَّه أحد" أي: أن يخونه أحد.
وعلى كل حال هذه قراءة الجمهور أَنْ يُغَلَّ "أي ليس لأحد أن يغُل نبيًا، أي يخونه في المغانم، وخُص النبي بالذكر، وإن كان ذلك محظورًا مع الأمراء لشنعة الحال مع النبي؛ لأن المعاصي تعظم بحضرته" يعني لا يجوز الغلول بحالٍ من الأحوال، لكن على هذه القراءة أَنْ يُغَلَّ يعني يُؤخذ من الغنيمة، ويُخان في الغنيمة، فهذا لا يجوز لا مع النبي ﷺ ولا مع غيره، لكن مع النبي ﷺ يكون أشد، وصاحبه أعظم جراءةً، فالخيانة مع النبي أعظم من الخيانة مع غيره "وقيل: معنى هذه القراءة أن يوجد غالًّا" "كما تقول: أحمدت الرجل إذا أصبته محموداً، فعلى هذا القول يرجع معنى هذه القراءة إلى معنى فتح الياء" يعني يكون ذلك تنزيهًا له كما سبق - والله أعلم -.
س:. . .ج: يقول: "معنى هذه القراءة أن يوجد غالًّا" يعني أن يقع منه ذلك وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يُغَلَّ أن يوجد غالًا، ويمكن أن يكون أَنْ يُغَلَّ أي يُنسب إلى الغلول، لكن المعنى الأول أوضح، يعني أن يؤخذ من الغنائم بحضرته، فتكون القراءة الأولى أَنْ يَغُلَّ يعني أن يقع منه ذلك، الثانية: أَنْ يُغَلَّ أن يقع من أحدٍ غلول بحضرة نبيه، يعني، وهو معه في المعركة، ويحتمل المعنى أيضًا ما ذُكر - والله أعلم -.
"قوله: وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ [آل عمران:161] وعيدٌ لمن غل بأن يسوق يوم القيامة على رقبته الشيء الذي غل، وقد جاء ذلك مفسرًا في الحديث، قال رسول الله ﷺ: لا أُلفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير، لا أُلفين أحدكم على رقبته فرس، لا أُلفين أحدكم على رقبته رقاع، لا أُلفين أحدكم على رقبته صامت، لا أُلفين أحدكم على رقبته إنسان، فيقول: يا رسول الله أغثني فأقول: لا أملك لك من الله شيئاً، قد بلغتك"."
هنا يقول في قوله: وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: "وعيدٌ لمن غل بأن يسوق يوم القيامة على رقبته الشيء الذي غل، وقد جاء ذلك مفسرًا في الحديث" هذا الحديث مُخرج في الصحيحين، وهذا اللفظ لمُسلم.
والمقصود بالصامت في قوله: على رقبته صامت يعني الذهب، والفضة، جاء أيضًا عن معاذ قال: "بعثني رسول الله ﷺ فلما سرت أرسل في أثري، فرددت، فقال: أتدري لِمَ بعثت إليك؟ لا تُصيبنّ شيئًا بغير إذني فإنه غلول وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [آل عمران:161] لهذا دعوتك، فامضِ لعملكفحديث معاذ هذا أعم من المعركة، الأخذ من الغنيمة بغير إذنه، الغنائم تُقسم، ويقسمها الأمير بين المُقاتلين أربع أخماس الغنيمة للمقاتلين، ويأخذ الخُمُس، فهو مقسوم على الأقسام الخمسة، كما هو معلوم وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ [الأنفال:41] وكذلك في حديث أبي حُميد في خبر الرجل الذي استعمله النبي ﷺ على صدقات بني سُليم، وهو ابن اللتبية، فلما جاء حاسبه، قال: "هذا مالكم، وهذا هدية، فقال النبي ﷺ: فهلّا جلست في بيت أبيك، وأمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقًا وهذا معيار فيما يصل إلى الموظفين في الدولة من الأموال، والمصالح الشخصية، التي يتوصّلون إليها بسبب عملهم، فيقول: هذه هدايا تصلني، قد يكون طبيبًا، فيأتي المريض الذي انتفع به، وأجراه الله سببًا لشفاءٍ حصل، أو نحو ذلك فيُعطيه هدية، وكثير من الناس يسألون عن هدايا ثمينة يُقدمونها لبعض من باشر علاجهم، فهذا لا يجوز، وهكذا بالنسبة للتلاميذ، والطالبات في إعطاء المُعلمين، والمعلمات، كثيرًا ما يسألون عن هذا، والطالبات أحيانًا يسألن عن ذهب، وحُلي، ومجوهرات في آخر العام، وهم يسألون كثيرًا عن جانبٍ آخر، وهو ما يتصل بميل هذا المُعلم مثلًا إلى هذا الطالب، أو هؤلاء التلاميذ، فيقول: بعد ما ينتهي العام، أو بعد ما نتخرج، أو بعد ما نُنهي هذه السنة؛ لأنه لن يُدرسنا بعدها، فليست القضية هكذا، وإنما هي ذات شقين، الشق الأول: أن هدايا العُمال غلول، فهذا أجير ليس له أن يأخذ شيئًا، هذا الجانب الأول درّسهم، أو لم يُدرّسهم، الجانب الثاني: وهو ما يتعلق بميل القلب، وتكون كالرشوة، فهذه التي يسألون عنها، ويقولون: لن يُدرّسنا، أو بعد ما نتخرج، أو نحو هذا، فهذا إن سلِم بقي الجانب الأول، لكن الأمور اليسيرة التي لا شأن لها مما يُعطى لجميع الناس، كالتقويم، ونحو هذا من الدعايات التي لا شأن لها، ولا قيمة، وتُعطى لجميع الناس، فهذا لا إشكال فيه، كذلك ما جرت به العادات مما يشترك به الناس، ويستوون، ونحو هذا، وهو الأمر اليسير، لا إشكال فيه، والورع أن يترك ذلك جميعًا، أما إذا كان بينهم من العلاقة، والصداقة، ونحو ذلك ما يحصل به التهادي بينهم بصرف النظر عن هذا العمل، وُجد، أو لم يوجد، فهذا لا إشكال فيه، فقد يُعطي الإنسان رئيسه في العمل، أو صاحبه، أو نحو ذلك في عمله، ولو لم يكن في هذا المكان لأعطاه، فهو يُعطيه لصداقته، ولصلته به، ولمحبته، ونحو هذا، فهذا بهذه الصورة لا إشكال فيه، أو يكون ذلك عامًا، ككتاب يُوزع على الجميع لينتفعوا به فهذا لا إشكال فيه، وأما أن يُخص هذا فلا، هذا إذا كان من صاحبه، أو ممن يعمل معه، لكن بالنسبة للطلاب لو جاء بكتاب للأساتذة فقط، فليس لهم أن يأخذوه، إلا إذا كان بينهم من الصلة ما لا يتعلق، ويتصل بهذا العمل، إلا إذا كان من الكتب التي تُوزع على الجميع، ونحو هذا.
فالشاهد: أن النبي ﷺ قال: هلّا جلست في بيت أبيك، وأمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقًا؟ قال: "ثم خطبنا، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد: فإني أستعمل الرجل منكم على العمل، مما ولّاني الله، فيأتي فيقول: هذا مالكم، وهذا هدية أُهديت لي، أفلا جلس في بيت أبيه، وأمه، حتى تأتيه هديته إن كان صادقًا هذا هو الضابط، لا يستغل هذا العمل ليتوصّل به إلى حظوظ شخصية، قد لا تكون أموال تُدفع، وإنما هدايا، أو نحو ذلك، كشركات مثلًا الأدوية تُقدّم للأطباء هدايا قيّمة، كأجهزة حواسيب، أو أجهزة طبية غالية ذات شأن، وذات قيمة، ونحو هذا، أو كميات من الأدوية يقول: هذا لك هدية، ونحو هذا، فهذه لا تجوز، ولو كان يعمل أجيرًا في مكانٍ خاص، كمستشفى خاص، أو مدرسة خاصة، أو نحو هذا، ليس له أن يأخذ من الناس؛ لأنه يأخذ أجرًا على هذا، لكن بإذن صاحب المدرسة، أو إدارة المدرسة يكون عن طريقهم؛ لئلا تُفسد الذمم.
فهذا الذي يمسح المكتب، إذا أعطيته صار يأتي، ويمسح المكتب بجدٍ، واجتهاد، والذي لا يعطيه - يتورّع - لا يدنو منه، ولا يقوم بعمله، وهكذا.
فهنا قال: والله لا يأخذ أحد منكم شيئاً بغير حقه إلا لقي الله يحمله يوم القيامة، فلأعرفن أحداً منكم لقي الله يحمل بعيراً له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر ثم رفع يديه حتى رؤي بياض إبطه، يقول: اللهم هل بلغت؟.
وكذلك أيضًا في حديث أبي هريرة قال: غزا نبي من الأنبياء، فقال لقومه: لا يتبعني رجل قد ملك بضع امرأة، وهو يريد أن يبني بها، ولما يبن، ولا آخر قد بنى بنياناً، ولما يرفع سقفها، ولا آخر قد اشترى غنماً - أو خلفات - وهو منتظر، ولادها قال: فغزا فأدنى للقرية حين صلاة العصر، أو قريباً من ذلك، فقال للشمس: أنت مأمورة، وأنا مأمور، اللهم، احبسها علي شيئاً، فحبست عليه حتى فتح الله عليه قال: فجمعوا ما غنموا، فأقبلت النار لتأكله، فأبت أن تطعمه، فقال: فيكم غلول، فليبايعني من كل قبيلة رجل، فبايعوه، فلصقت يد رجل بيده، فقال: فيكم الغلول، فلتبايعني قبيلتك، فبايعته قال: فلصقت بيد رجلين، أو ثلاثة، فقال: فيكم الغلول، أنتم غللتم قال: فأخرجوا له مثل رأس بقرة من ذهب، قال: فوضعوه في المال، وهو بالصعيد، فأقبلت النار فأكلته، فلم تحل الغنائم لأحد من قبلنا؛ ذلك بأن الله - تبارك، وتعالى - رأى ضعفنا، وعجزنا، فطيبها لنا .
وكذلك في حديث عمر قال: "لما كان يوم خيبر أقبل نفرٌ من صحابة النبي ﷺ فقالوا: فلانٌ شهيد، فلانٌ شهيد، حتى مروا على رجل فقالوا: فلانٌ شهيد، فقال رسول الله ﷺ: كلا، إني رأيته في النار في بُردةٍ غلّها، أو عباءة ثم قال رسول الله ﷺ: يا ابن الخطاب اذهب فنادي في الناس: إنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون الحديث.
وفي حديث أبي هريرة قال: "خرجنا مع رسول الله ﷺ يوم خيبر فلم نغنم ذهبًا، ولا فضة إلا الأموال، والثياب، والمتاع، فأهدى رجلٌ من بني الضبيب، يُقال له: رفاعة بن زيد لرسول الله ﷺ غلامًا يُقال له: مِدعَم، فوجّه رسول الله ﷺ إلى وادي القرى، حتى إذا كان بوادي القرى، بينما مِدعم يحط رحلًا لرسول الله ﷺ إذا سهمٌ عائر فقتله" يعني سهم لا يُعرف من رمى به فقتله، "فقال الناس: هنيئًا له الجنة، فقال رسول الله ﷺ: كلا، والذي نفسي بيده إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من المغانم لم تُصبها المقاسم هذا ضابط الغلول، أخذ من الغنيمة من قبل أن تُقسم لتشتعل عليه نارًا وفي هذا إثبات عذاب البرزخ "فلما سمع ذلك الناس جاء رجلٌ بشراكٍ، أو شراكين" شراك، أو شراكين يعني السيور التي بظهر النعل يُقال لها شراك "إلى النبي ﷺ فقال: شراكٌ من نار، أو شراكان من نار.
فهذه الأحاديث واضحة، وصريحة، وهي تُوضح قوله تعالى: وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فتكون هذه الآية عامة في لفظها، فيدخل في الغلول دخولًا أوليًّا الأخذ من الغنيمة قبل القسم، وهذا المتبادر، ولكنه يؤخذ من عموم اللفظ، ومن هذه الأحاديث: كل من أخذ، سواء كان ذلك من الغنيمة، أو كان في عملٍ عمله، استُعمل على عمل فأخذ لنفسه، إما أن يأخذ من الناس، وإما أن يأخذ من الأموال العامة، وبعض الناس يتساهلون في هذا، ويأخذون، ولا يُبالون، إما بحُجة أن الناس يأخذون أكثر من هذا، فهو يرى أن يأخذ نارًا دونهم، أو أنه يدّعي أن له حقًّا في بيت المال، فيأخذ، والواقع أن هذا غلول - والله المستعان -.