لا يستوي من اتبع رضوان الله فيما شرعه يعني في كل شيء اتبع رضوان الله في الأعمال القلبية، وأعمال الجوارح في طاعة الله، وطاعة رسوله ﷺ كما قال ربنا - تبارك وتعالى -: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ* فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ [سورة آل عمران:73-74] فوصفهم بهذا حيث أجابوا النبي ﷺ لما دعاهم للخروج إلى حمراء الأسد بعد غزوة أُحد مباشرة.
يعني هذا أيضاً في محادّة الله ، ومعصيته بكل الأشكال والصور كما قال الله : تَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاء وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ [سورة المائدة:80-81].
فالحاصل أنه قال: لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ أي: سولت لهم وزينت أن يوالوا المشركين، فكان ذلك سبباً لسخط الله عليهم.
هذا دأب ابن كثير - رحمه الله - حيث يفسر القرآن بالقرآن، ولو أن أحداً دوَّن بعض النماذج لمعرفة منهج ابن كثير في التفسير فإنه سيجد عنده في النهاية تطبيقات على قواعد التفسير بأنواعها خاصة، وأن الكتاب هذا حافل بذلك، فإذا جمع أحدنا هذه الأمور شيئاً فشيئاً فإنه يمكن أن يخرج بمجلدات، والناس في هذا كلٌّ بحسبه، فمنهم من يجدها تلوح لأنه يذكرها صراحة، وأحياناً تكون خفية لا تظهر إلا لمن كان له خلفية بهذا.