الجمعة 11 / ذو القعدة / 1446 - 09 / مايو 2025
يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي
مرات الإستماع: 0

"ثم قال تعالى: يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ [سورة آل عمران:171] قال محمد بن إسحاق: استبشروا، وسروا لمَا عاينوا من وفاء الموعود، وجزيل الثواب، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: هذه الآية جمعت المؤمنين كلهم سواء الشهداء وغيرهم، وقلَّما ذكر الله فضلاً ذكر به الأنبياء، وثواباً أعطاهم إياه؛ إلا ذكر ما أعطى الله المؤمنين من بعدهم".

يعني هنا في قوله: يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ [سورة آل عمران:171] بعضهم يقول: النعمة ما ينعم الله به على عباده عموماً، والفضل هو الأمر الزائد، أو ما يتفضل الله به عليهم، وبعضهم يقول: النعمة هي الثواب، وهذا لا يعارض الأول؛ لأن ما ينعَّمون به هو من الثواب، وعلى كل حال فالاستبشار الأول الذي في قوله: وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ [سورة آل عمران:170] هذا الاستبشار إنما هو بإخوانهم الذين لم يلحقوا بهم، والاستبشار الثاني الذي في قوله: يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ [سورة آل عمران:171] أي أنهم يستبشرون بما حصل لهم من النعيم.
وعلى كل حال الآية: يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ [سورة آل عمران:171] فيها قراءة أخرى متواترة وهي قراءة الكسائي بكسر همزة إن: وإن الله لا يضيع أجر المؤمنين، فعلى القراءة الأولى التي عليها أكثر القراء: وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ [سورة آل عمران:171] يكون ذلك من جملة ما استبشروا به، يعني: أنهم يستبشرون بنعمة من الله وفضل، وأن الله لا يضيع أجرهم، يعني من جملة ما يستبشرون به أن الله لا يضيع أجر المؤمنين، وعلى قراءة الكسر يكون ذلك من قبيل الاستئناف، ومعلوم أن الآية إن كان لها قراءتان فأكثر، وكل قراءة لها معنىً يخصها، فإن القراءتين بمنزلة الآيتين، فهم يستبشرون بأن الله لا يضيع أجر المؤمنين، والآية أيضاً على قراءة الكسر تقرر هذا المعنى وتؤكده؛ لأن "إنَّ" بمنزلة إعادة الجملة مرتين فهي للتوكيد.
وقوله هنا عن عبد الرحمن بن زيد: "هذه الآية جمعت المؤمنين كلهم" أي لأنه قال: وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ [سورة آل عمران:171] سواء كانوا شهداء أو غير شهداء، هذا هو معنى الكلام.
يقول: "سواء الشهداء أو غيرهم، وقلَّما ذكر الله فضلاً ذكر به الأنبياء" هنا لم يذكر الأنبياء لكن معلوم أن حال الأنبياء أكمل من حال الشهداء.
يقول: "وثواباً أعطاهم إياه إلا ذكر ما أعطى الله المؤمنين من بعدهم" هو هنا يريد أن يقرر أن ما يذكره الله لأصحاب المراتب العالية من أهل الإيمان كالأنبياء، فالغالب أن الله يذكر ثواب عموم المؤمنين، وهنا لم يذكر الأنبياء لكن ذلك من باب التنبيه على معنىً يتكرر، فلما ذكر جزاء الشهداء ذكر جزاء عموم المؤمنين، أو ذكر معنىً يتصل بعموم أهل الإيمان، هذا هو معنى كلامه؛ وإلا فالآية ليس فيها ذكر للأنبياء.

مرات الإستماع: 0

" يَسْتَبْشِرُونَ [آل عمران:171] كُرّر ليذكر ما تعلق به من النعمة، والفضل".

يعني كُرر ثانيةً ليذكر ما بعده، مما تعلق به وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ هذا استبشار بالذين لم يلحقوا بهم، ثم ذكر الاستبشار بالنعيم يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ