هذا توبيخ من الله، وتهديد لأهل الكتاب الذين أخذ الله عليهم العهد على ألسنة الأنبياء أن يؤمنوا بمحمد ﷺ، وأن ينوِّهوا بذكره في الناس، ليكونوا على أهبة من أمره، فإذا أرسله الله تابعوه".
هذا التفسير واضح أنه ينحى إلى أن هذه الآية في أهل الكتاب في قضية بيان ما عرفوا من أحقية ما جاء به الرسول ﷺ، وهذا الذي مشى عليه ابن جرير - رحمه الله -، وهذه الآية وإن سيقت لتقرير هذا المعنى؛ إلا أن ظاهر اللفظ أعم من ذلك، فيدخل في هذا المعنى وغيره من البيان، ويكون ذلك أيضاً متوجهاً لهذه الأمة، فأهل الكتاب قص الله عنهم أنهم كما قال: فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ [سورة آل عمران:187] فالبيان لا يختص بأهل الكتاب فهذه الآية وإن كانت فيهم؛ إلا أنه يؤخذ منها أنه يجب على من عرف الحق أن يبيِّنه للناس، فالله أخذ الميثاق على أهل الكتاب لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ [سورة آل عمران:187] أي كل ما يجب عليهم بيانه، ومن ذلك أحقية ما جاء به الرسول ﷺ مما عرفوه في كتبهم، لكنهم جحدوا ذلك، وغيروا أوصافه، وكذّبوا به، وهكذا.
- أخرجه أبو داود في كتاب العلم - باب كراهية منع العلم (3660) (ج 3 / ص 360) والترمذي في كتاب العلم - باب ما جاء في كتمان العلم (2649) (ج 5 / ص 29) وابن ماجه في افتتاح الكتاب في الإيمان وفضائل الصحابة والعلم - باب من سئل عن علم فكتمه (264) (ج 1 / ص 97) وصححه الألباني في مشكاة المصابيح برقم (223).